احتاجت أماني سعود، إلى سنوات طويلة كي تستطيع النظر إلى مياه البحر، بعد «الفاجعة» التي حلت بأسرتها قبل نحو 10 سنوات، حين خطفت مياه شاطئ نصف القمر والدها وشقيقها الصغير، وكادت تخطف المزيد من أفراد الأسرة، لولا سرعة تدخل فرق حرس الحدود، وإنقاذهم. فيما كان شقيقها ذو السنوات الخمس لفظ أنفاسه الأخيرة داخل البحر. أما والدها فقضى نحبه فور وصوله المستشفى. وعلى رغم مرور سنوات على الحادثة، إلا أن أماني، التي تسكن في مدينة الخرج، كانت ترفض مجرد التفكير في زيارة المنطقة الشرقية، «كي لا أرى البحر» بحسب قولها، لافتة إلى أنها خضعت لعلاج نفسي، «لتجاوز آثار الصدمة التي تعرضت لها»، والتي أحالت حياتها إلى «مأساة»، على رغم أنها وأسرتها كانوا في «رحلة ترفيهية، نبحث خلالها عن ساعات من الفرح واللعب»، مبينة أن زيارة شاطئ نصف القمر كانت «هدية من الوالد لنا بعد نجاحنا في المدرسة». غير أن هذا الشاطئ الذي يعد الأكثر استقطاباً للزوار على مستوى المنطقة الشرقية، «لجماله وصفاء مياهه»، خطف أرواح الكثيرين، ومنهم والد أماني وشقيقها. وإذا كانت حالات الغرق تقلصت خلال السنوات الماضية عما كانت عليه قبل ذلك، فإن إحصاءات أصدرتها قيادة حرس الحدود في الشرقية، كشفت أنه «تم إنقاذ 160 شخصاً من الغرق خلال العام الجاري. فيما لم تسجل أي حالة وفاة غرقاً. فيما شهد العام الماضي، إنقاذ 388 حالة، ولم تسجل سوى خمس حالات وفاة غرقاً». وعزا المتحدث باسم حرس الحدود في الشرقية العقيد البحري خالد خليفة العرقوبي، انخفاض حالات الغرق مقارنة بالأعوام السابقة، إلى «التوعية الكبيرة التي قام بها منسوبو حرس الحدود، وتكثيف وجودهم في مناطق التنزه، إضافة إلى التدريب المستمر على التعامل مع حالات الغرق، وكذلك نشاطات اللجنة النسائية للسلامة البحرية، في توعية بأسباب الغرق وكيفية التعامل في حال وقوع حادثة مشابهة. وقامت بنشاطات مختلفة ومكثفة بمختلف الوسائل، لإيصال الرسالة التوعوية إلى الجميع». وشدد العرقوبي، على ضرورة «التزام مرتادي الشواطئ بالتعليمات، والتقيد بكل إرشادات السلامة البحرية والشاطئية»، لافتاً إلى أن «أغلب الحوادث الشاطئية، كانت ناتجة عن عدم التقيد بتعليمات السلامة البحرية واللوحات التحذيرية على الشاطئ»، محذراً المتنزهين، وبخاصة الشبان، من «مغامرات التحدي التي تجري بينهم أثناء وجودهم داخل البحر، والتي كانت سبباً في كثير من الحوادث المُميتة التي وقعت خلال السنوات الماضية». وأنقذت دوريات حرس الحدود خلال الصيف الماضي، 44 شاباً في شاطئ نصف القمر، كانوا يسبحون في مناطق خطرة. كما نصح ب «عدم الابتعاد عن الشاطئ، حتى وإن كان الشخص يجيد السباحة». وجددت قيادة حرس الحدود في الشرقية، تحذيراتها من «إهمال إرشادات السلامة، خصوصاً من السباحة ليلاً، إذ يصعب مشاهدة الدوريات البحرية للسباحين داخل البحر». كما حذر الناطق باسم حرس الحدود، من استعمال «قوارب مطاطية صغيرة، أو سترات نجاة غير مطابقة للمواصفات، يكثر استعمالها بين الأطفال، على رغم خطورتها، وكذلك وسائل الطفو التي تنفخ بالهواء، إذ يتعرض مستخدمها للغرق عند خروج الهواء منها»، مشدداً أيضاً على خطورة «التيارات المائية القوية، أو السباحة في الأماكن المحظورة، ذات الأعماق الكبيرة»، لافتاً إلى أهمية التنبه من لسعات قناديل البحر والثعابين المائية، لأن بعضها قاتل»، لافتاً إلى تكرار إسعاف مصابين بلسعات الثعابين، خلال أشهر الصيف تحديداً. وذكرت مديرة المركز الإقليمي لمراقبة السموم في الشؤون الصحية في الشرقية، عضو اللجنة النسائية للسلامة البحرية في حرس الحدود الدكتورة مها المزروع، أن «ثعابين شواطئ الخليج العربي غالباً ما تكون غير سامة. كما تشتهر بأنها غير عدوانية، إلا في حالات قليلة، مثل الجوع، أو في مواسم التزاوج»، مشددة على عدم رمي مخلفات الطعام بالقرب من الشواطئ، لأنها «تجذب الثعابين الجائعة». وأبانت المزروع، أن «درجة سمية الكائنات البحرية متفاوتة، وبعضها يمكن السيطرة على أعراضها السمية الخفيفة، بإسعافات أولية بسيطة، ومنها ما يحتاج إلى تدخل طبي عاجل، وأحيانا إلى تدخل جراحي أيضا»، مشيرة إلى تسجيل مركز مراقبة السموم إصابتين بعضة ثعبان بحري خلال العام الماضي. وأن 20 في المئة من إجمالي من يتعرضون إلى اللدغات عموماً، يتعرضون إلى الوفاة. وحذرت من رمي بقايا الطعام في البحر، «تجنباً لجذب بعض الكائنات البحرية، مثل الثعابين التي تسبب لدغ من يقترب منها»، مستشهدة بحالتين تم إنقاذهما من قبل دوريات حرس الحدود خلال الإجازة الماضية، مشيرةً إلى أن هذه الثعابين «ليست شديدة السمية، إلا أنه يجب نقل الحالة للمستشفى، لتلقي الرعاية الطبية اللازمة». كما أكدت على ضرورة «عدم لمس الكائنات البحرية الأخرى، أو اللعب بها، مثل قناديل البحر التي تحتفظ بمادتها السمية حتى بعد موتها»، مضيفة أنه «في كل الأحوال؛ يجب إتباع إرشادات السلامة العامة والشاطئية، حتى تكون النزهات آمنة وسعيدة».