في مؤشر إلى تصاعد المواجهة بين الرئيس المصري محمد مرسي وقادة الجيش، أقر الرئيس قانوناً يحصِّن الجمعية التأسيسية التي كان شكَّلَها البرلمان المنحل لكتابة دستور جديد، قبل يومين من فصل القضاء الإداري في طعون تطالب بحلها، فيما تعهد رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي «عدم السماح لفصيل معين بالسيطرة على مصر». وصدَّق مرسي على القانون، الذي كان مجلس الشعب أقره قبل أكثر من شهر وأوقف المجلس العسكري إصداره في شكل رسمي، ويهدف أساساً إلى تحصين الجمعية التأسيسية ضد أي قرارت بالحل، استباقاً لاعتزام المجلس العسكري تشكيل جمعية تأسيسية جديدة بعد جلسة القضاء الإداري المقررة غداً للبت في طلب حل الجمعية. وحمل القانون الرقم 79 لسنة 2012، وصدَّق عليه الرئيس الاربعاء الماضي، لكنه صدر في الجريدة الرسمية أمس ليسري العمل به. وينص القانون على إخضاع قرار انتخاب الجمعية «للرقابة على دستورية القوانين والقرارات البرلمانية»، ما يعني عدم اختصاص القضاء الإداري بالنظر في الطعن على بطلان تشكيل الجمعية، وتحويل هذا الاختصاص على المحكمة الدستورية العليا. وتنص المادة الثانية على «تمتع الجمعية التأسيسية بالشخصية الاعتبارية وبالاستقلال عن كل أجهزة الدولة ومؤسساتها، بما فيها رئيس الدولة». وقال المستشار القانوني للرئيس، القاضي محمد فؤاد جاد الله: «يجب أن يكون هذا القانون تحت بصر المحكمة الثلثاء، فتشكيل الجمعية تم بموجب هذا القانون»، لافتاً إلى أن «تأخير إصداره لا يعني إلغاءه أو إهماله». وسارع طنطاوي إلى الرد ضمناً على الخطوة التي اتخذها مرسي، فتعهد أمام جنود الجيش وضباطه أمس «عدم السماح لفصيل معين بالسيطرة على مصر»، مشدداً على أن «مصر لكل المصريين»، قبل أن يؤكد «احترام السلطات التشريعية والتنفيذية». وقال إن «القوات المسلحة لن تسمح لأحد، خصوصاً من المدفوعين من الخارج، بأن يثنيها عن دورها في حماية مصر وشعبها، ومصر ستجتاز أزمتها وستصل إلى احسن مما كانت عليه». وأضاف أن «مصر لن تسقط، وهي لكل المصريين لا لمجموعة بعينها، والقوات المسلحة لن تسمح بذلك، ولن تفرِّط في حبة رمل واحدة من أرض مصر». وشدد في تصريحات خلال الاحتفال بمراسم تسليم وتسلُّم قيادة الجيش الثاني الميداني، على أن «مصر ستظل موحدة، والقوات المسلحة ستستمر في أداء واجبها متمتعة بروح معنوية في السماء، ولن يستطيع احد ان يخفض معنويات أفرادها وقادتها». وأضاف: «لدينا ارادة وقدرة على حماية مصر، وسنعمل على ان تصل مصر إلى ما ترجوه، ومصر لن تضار، وستحيا مرفوعة الهامة أبداً». ودافع عن سياسات جنرالات الجيش خلال المرحلة الانتقالية، مشيراً إلى ان «القوات المسلحة دخلت منذ الثورة في معترك لا قبل لها به، إذ إن مهمتها الاساسية هي الدفاع عن الوطن ضد أي عدائيات، لكنها كُتب عليها ان تتولى امر هذا الوطن العظيم، وأصرت على ألاّ تريق نقطة دماء واحدة من المصريين... ونفخر بأن دماء المصريين لا تراق لأي سبب من الاسباب». وشكر «أبناء القوات المسلحة على تحمل المسؤولية خلال الفترة الماضية بنزاهة وشرف واخلاص رغم محاولة بعض المدفوعين من الخارج، الذين وجهوا إليهم الشتائم والاهانات والتهم... والقوات المسلحة لن تسمح لهم بذلك، ولن تسمح بأن يجروها إلى اراقة دماء ابناء الشعب... هناك من يعملون مع الخارج ويحاولون ان يثنونا عن دورنا وعزمنا على حماية مصر وشعبها، ونحن لن نسمح بذلك. الجيش لن يخون، وسيستمر في اداء مهامه حتى تصل مصر إلى بر الامان». وفي مقابل هذه المواجهة، صدَّق مرسي أمس على قوانين عدة أقرها المجلس العسكري، ما فسره مسؤول عسكري باعتباره إقراراً ضمنياً بأن سلطة التشريع باتت بيد الجيش بعد قرار حل البرلمان. وقال المسؤول ل «الحياة» أمس، إن «المجلس العسكري هو من أحال القوانين الخمسة على الرئيس مرسي للتصديق عليها». وأصدر الرئيس خمسة قوانين بعضها كان تنفيذاً لقرارات أصدرها وبعضها الآخر أعده المجلس العسكري، هي: منح العاملين في الدولة علاوة خاصة، زيادة المعاشات المدنية، زيادة المعاشات العسكرية بنسبة 15 في المئة، قانون يخص أعضاء هيئة التدريس والوظائف المعاونة في الجامعات وقانون أخير يتعلق بالمنطقة الحرة في بورسعيد.