تزاول مجموعة من الشباب السعوديين مهناً كثيرة تدخل ضمن دائرة «العيب الاجتماعي»، ما يجعل بعضهم يصاب بالإحباط من التعليقات التي توجه إليه والنظرة الدونية لمهنته. فالأسر السعودية غالباً ما ترفض رفضاً قاطعاً أن يعمل أحد أبنائها نادلاً في مطعم أو مقهى أو حتى ميكانيكياً أو كهربائياً. لكن في المقابل ثمة فئة أخرى تشجع انخراط الشاب في أي عمل شريف لا يشوبه سوء، إيماناً منها بأهمية العمل. في أحد مطاعم الرياض يقف عبدالعزيز ابراهيم يستقبل الزبائن مرحّباً وهو في أوج نشاطه ورضاه عما يقوم به. ولا يخفي عبدالعزيز ظهور ملامح الرضا من الزبائن لرؤيتهم شاباً سعودياً يعمل في مهنة باتت منتشرة في شكل لافت في الفترة الماضية، الأمر الذي منحه دفعاً معنوياً لمواصلة عمله. وفي حين عهد المواطن السعودي أن تقدم القهوة إليه من وافد آسيوي جاء الوقت ليقدّمها هو نفسه مرفقاً بها ابتسامة. عادل السالم مثلاً يعد القهوة ويقدمها للزبائن من دون أي حرج، وهو سعيد بالدخل الذي يجده مع نهاية كل شهر. وفي محل يقع شرق العاصمة السعودية الرياض ويُعنى بإكسسوارات وزينة السيارات، يعمل محمد العريني الذي تعلم مهنته قبل تسع سنوات، حين كان يساعد والده في محله قبل أن يختار منافسته في محل مستقل. ويؤكد محمد أنه لا يهتم مطلقاً بنظرة الآخرين إليه وإلى عمله، ولا يلتفت إليها، وإن كان في معظم الأحيان لا يرى منهم سوى التشجيع والدعم المعنوي. وعلى الجانب الآخر ينزعج أحمد السهلي من النظرة الدونية التي يجدها من بعض زبائن المطعم الذي يعمل فيه لدرجة تجعله يتساءل: «ما العيب في ما أقوم به؟». أحمد يرفض بشدة طلب المال من أسرته، لا سيما أنه في عقده الثاني، ما جعله يتجه إلى الاعتماد على نفسه من دون أن يُسبب مضايقة لأحد ويضمن لنفسه دخلاً ثابتاً يحقق له متطلباته أو على الأقل جزءاً منها كما يملأ ساعات الفراغ التي يزخر بها يومه ضارباً عصفورين بحجرٍ واحد.