رصد فريق دولي من علماء الفلك مجرات سوداً للمرة الأولى، وفق إعلان صدر عن «المرصد الأوروبي الجنوبي» في تشيلي أمس. وأوضح المرصد أن المجرات السود تشكل إحدى المراحل الأولى لتكوّن المجرّات التي يعرفها العلماء نظرياً، لكن أحداً لم يشاهدها سابقاً. ووفق نظرية «الانفجار الكبير» (بيغ بانغ)، بدأ تشكّل الكون بمجرّاته ونجومه قبل نحو 13.7 بليون سنة بانفجار هائل، نجمت عنه كميات ضخمة من الغازات الكونية، ترافقها حرارة لاهبة وطاقة كبيرة. ويفترض أن هذه الغازات تجمّعت تدريجاً في كتل كبيرة متحركة. وتتزايد كثافة هذه الكتل وحركتها، كما يرتفع الضغط في داخلها إلى حدّ إحداث انفجار نووي، ما يؤدي الى تشكّل الشموس المشعة والنجوم المضيئة والمجرات اللامعة. وأثبتت هذه النظرية صدقيتها في الصور التي بثّها تلسكوب الفضاء «هابل»، مطلع تسعينات القرن الماضي. وفي المقابل، عندما لا تكتمل الشروط الكافية لانفجار الغازات، فإنها تتجمع في كتل تفتقد مصادر الضوء، مثل تجمعات النجوم، فتكون مظلمة وغير مرئية. ويفسر هذا الأمر أهمية ما اكتشفه علماء مرصد تشيلي، بمعنى انهم استطاعوا رؤية المجرات السود المظلمة التي تشير النظريات العلمية إلى أنها موجودة، لكن العلماء لم يتمكّنوا من تحديدها قبل الآن. ومن ناحية ثانية، يزيد هذا الاكتشاف ثقة العلماء بنظرياتهم المتصلة بتشكّل المجرات عقب «الانفجار الكبير». وأعرب فريق تشيلي عن اعتقاده بأن المجرات السود أضخم من نظيراتها المضيئة، بل إنها ربما كانت مصدراً للغازات التي شكّلت هذه الأخيرة. وشاهد العلماء هذه المجرات من «المرصد الفلكي الأوروبي الجنوبي»، وهو الأكثر تطوراً عالمياً، ويقع على جبل بارانال في صحراء «أتاكاما» في شمال تشيلي، ويضم التلسكوب الأكبر في العالم. وشرح عالم الفلك سيمون ليلي أن فريق المرصد توصل إلى حل لمشكلة العتمة في المجرات السود، تمثّل في إنارتها بواسطة ضوء قوي. كما صرّح الباحث سيباستيانو كانتالوب أن هذا الاكتشاف سبقه عمل نظري عن تركيبة المجرات السود، خصوصاً طُرُق تجمع الغازات المعتمة فيها.