أبلغ خبراء في الحكومة الاميركية الكونغرس ان العراق غير راض عن وجود أعداد كبيرة من الاميركيين على أرضه على رغم اعتزام وزارة الخارجية الاميركية تقليص بعثتها هناك بنحو الثلث خلال الستة عشر شهراً المقبلة. وقال هؤلاء الخبراء ان العراق يجعل الحياة صعبة بالنسبة الى السفارة الاميركية في بغداد في كل صغيرة وكبيرة، في مؤشر الى تأرجح العلاقات مع واشنطن في الوقت الذي يخشى فيه منتقدون من تقارب بغداد مع ايران. وقال مايكل كورتس من «المكتب الاميركي لمحاسبة الحكومة» التابع لمجلس النواب خلال جلسة ان «وزارتي الخارجية والدفاع تخططان لوجود كبير جداً بقيادة مدنية في العراق. لكن التزام العراق بهذا الوجود ما زال غير واضح». وهناك أيضا شكوك في رغبة العراق في المضي قدماً في «الآلاف» من مشاريع الانشاء المكلفة التي يمولها دافعو الضرائب الاميركيون في اطار برنامج طموح يكرس بصمة «صنع في أميركا» على عراق ما بعد الغزو. وسحب الرئيس باراك أوباما آخر جندي أميركي من العراق في كانون الاول (ديسمبر) منهياً الاحتلال الاميركي بعد نحو تسع سنوات. ويقول منتقدو هذه الخطوة انها قلصت النفوذ الاميركي في العراق على رغم الاستثمارات الهائلة في البلاد. وتصر حكومة العراق التي يهيمن عليها الشيعة ويرأسها نوري المالكي على انها تريد علاقات طيبة مع الولاياتالمتحدة، ووقعت عقدا قيمته ستة بلايين دولار لشراء طائرات حربية من طراز «اف 16»، لكن لديها في الوقت نفسه علاقات وثيقة مع ايران «عدوة» واشنطن. وقال كورتس ان بغداد تثير دائما تساؤلات عن حجم ومكان 14 موقعاً اميركياً في العراق والاحتياجات الامنية لتلك المواقع وانها وقعت على عقود ملزمة تتعلق بخمسة مواقع فقط. وفي العراق 16 ألف أميركي في أكبر بعثة ديبلوماسية في العالم، لكن معظم الهيئات موجودة لحماية واطعام نحو 2000 فرد يعملون في العراق بعقود مباشرة مع الحكومة الاميركية. ونظرا للموقف الامني حيث قتل 20 على الاقل في تفجيرات وقعت الخميس، فمن المنتظر حين تستقر الاوضاع في بغداد ان يشهد هذا الرقم المتعلق بالوجود الاميركي خفضاً ملموساً العام 2013. وقال وكيل وزارة الخارجية لشؤون الادارة باتريك كينيدي: «سنخفض الاعداد من 16 الفا الى نحو 11 وخمسمئة. هذا يمثل خفضا نسبته 25 في المئة في العقود المباشرة ونحو 30 في المئة في المتعاقدين». وقدم كنيدي شهادته ايضا خلال جلسة مجلس النواب. وخلصت دراسة منفصلة أجراها المفتش العام في وزارة الخارجية الى ان قوات الامن العراقية تحتجز «بشكل منهجي» المتعاقدين الاميركيين في مجال الامن عند نقاط التفتيش، وانها تعطل القوافل التي تجلب احتياجات ضرورية للسفارة الاميركية من الكويت، كما ان القيود العراقية المفروضة على المجال الجوي «تضر بمسارات اجلاء محتملة». وقال نائب المفتش العام بوزارة الخارجية هارولد جيزل للجنة المراقبة في مجلس النواب ان مكتبه «ما زال قلقا على سلامة أفراد الحكومة الاميركية والمتعاقدين في العراق». ويطالب المشرعون الاميركيون بالاستفادة من الدروس المستخلصة من تجربة العراق قبل ان تسحب واشنطن معظم قواتها من أفغانستان بحلول العام 2014.