بعد وقت قصير على إطلاقه الجيل الثالث من أجهزته للكتاب الإلكتروني، التي تحمل اسم «كندل دي أكس» DX Kindle، أعلن موقع «أمازون. كوم» Amazon.com، انه قرر الدخول في تجربة طباعة الكتب ورقياً، من طريق إحدى شركات الطباعة -بحسب الطلب- التي يمتلكها الموقع العملاق عينه. والمعلوم أن «أمازون.كوم» يعتبر أضخم موقع إلكتروني للتجارة الإلكترونية في الكتب ومواد الميلتي ميديا. ويُمثّل «كندل دي أكس» النسخة الثالثة من سلسلة أدوات «كندل» لقراءة الكتب بالأدوات الإلكترونية. ويتميّز برهافة تصميمه، إذ لا تزيد سماكته عن المجلات العادية. ومع ذاكرة رقمية بسعة 3.3 غيغابايت، يستطيع «كندل دي أكس» تخزين 3500 كتاب، بمعنى أنه مكتبة ضخمة محمولة. ويستطيع الاتصال لاسلكياً مع الانترنت من دون الحاجة الى الكومبيوتر. ويصل حجم شاشته إلى 9.7 بوصة، ما يوازي حجم الورق العادي. ومن خلال إدارة الشاشة بين يدي حاملها، يستطيع التنقل بين عرض الصور على مساحة الشاشة كاملة، والاقتصار على عرض النصوص. ويعمل ببطاريات تمكنه من العمل لقرابة الأسبوعين من دون الحاجة الى إعادة شحنها. ويحتوي قارئاً للملفات الرقمية المصورة من نوع «بي دي أف». ويتصل مع الانترنت عبر شبكات الخليوي من نوع «3 جي»، فلا يستغرق إنزال الكتاب المتوسط الحجم سوى دقيقة. ويحتوي برنامجاً لقراءة النصوص صوتياً. ويعطي لمشتريه في الغرب إمكان الاشتراك في صحف مثل «نيويورك تايمز» و «واشنطن بوست»، وتحميلهما يومياً عليه. ويتوافر في السوق الأميركية بسعر يقل قليلاً عن خمسمئة دولار. بديهي القول أيضاً أن «كندل دي أكس» ليس مشروعاً مفرداً في نوعه. فمثلاً، تسوّق شركة «سوني» اليابانية كتابها الإلكتروني «ريدر» في الأسواق الغربية. الورق يضرب ثانية تضمن الإعلان المشار إليه آنفاً تفاصيل عن نظام فريد ابتكره الموقع لتحقيق طباعة الكتب عبر الإنترنت. ويرتكز النظام على برنامج معلوماتي استغرق العمل عليه سنوات عدّة، إلى إجراء تصويت على جودة الكتب المتوافرة بنسخها الرقمية على الموقع، لتقوم بعدها شركة «أمازون» بطباعة الكتاب للمرة الأولى، أو لإعادة طباعته، إن كان مطبوعاً أصلاً. وبفضل هذا النظام المعلوماتي، يصبح من الممكن ترتيب تقويم القُرّاء للكتب، والاعتماد عليها لاتخاذ قرار طباعة الكتب. ويلاحظ ان «أمازون» لم يول اهتماماً بما يمكن وصفه بالقيمة العميقة للكتب، إذا يكتفي بأراء الجمهور. ومن الممكن أن يغيّر هذا التوجّه التقليد الراسخ الذي تسلكه دور النشر التقليدية، إذ تؤلّف في العادة لجان خاصة لدراسة مواضيع الكتب وجدية محتواها وما تقدمه قبل اتخاذ القرار في شأن طباعتها. وسبق لموقع «أمازون.كوم» أن نشر من طريق إحدى شركاته، كتاب «فانتازي بوك» Fantasy Book (وترجمتها «كتاب الفانتازيا»)، الذي وضعته المراهقة الأميركية كايلي كلوفر. وحقّق الكتاب نجاحاً مذهلاً. وأعيدت طباعته مراراً، منذ العام 2007. وقد أثار هذا الأمر وقتها، الكثير من التحفظات من قِبَل دور النشر التقليدية التي تعاني أصلاً من هيمنة هذا الموقع الاميركي الضخم على التجارة الإلكترونية للكتب. والمعلوم أن موقع «أمازون.كوم» انطلق من مدينة «سياتل» على الساحل الغربي للولايات المتحدة، في العام 1996. ويقدر عدد رواده بقرابة نصف بليون شخص سنوياً، ما يشير إلى قوّة حضوره رقمياً في الفضاء الافتراضي للإنترنت. ويبدو أنه لم يعد يكتفي ببيع كتب تصدرها دور النشر الأخرى. إذ تشير خطوته الأخيرة الى سعيه للتحوّل الى دار نشر ضخمة، ترتكز على موقعه القوي في التجارة الإلكترونية للكتاب. وفي هذا السياق، يُذكر أن امبراطورية «أمازون. كوم» لديها شركة لطباعة الكتب ورقياً اسمها «بوك سيرج» booksurge، تعمل بأسلوب «الطباعة بحسب الطلب» «print-on-demand». وتعمل «بوك سيرج» منذ العام 2005، على تقديم خدمة طبع الكتب الورقية للراغبين، خصوصاً الكُتّاب ودور النشر الصغيرة. ويعتبر البعض أن عمل «بوك سيرج» ساهم في إنهاء سيطرة دور النشر الكبيرة، التي تتحكم بالكُتّاب المبتدئين (وحتى بعض المتمرسين) عندما لا يجدون فرصة لطباعة كتبهم الجديدة. وتعطيهم هذه الشركة الفرصة لطبع نسخ محدودة من كتبهم، بحيث يتحدّد العدد بحسب رغبة الكاتب أو دار النشر. وتقتطع الشركة لنفسها نسبة معينة من الأرباح، مع الإبقاء على حقوق الكتاب الأصلية للكاتب أو دار النشر. وكذلك تتعاون شركتا «أمازون.كوم» و «بوك سيرج» في الترويج لتلك الكتب المطبوعة أيضاً. وعلى رغم ان «أمازون.كوم» ما زال يُعَرّف نفسه بانه موقع لشراء الكتب القديمة والجديدة، إلا أن نشاطاته شهدت توسّعاً هائلاً في السنوات الأخيرة. وشملت بيع الأقراص المدمجة للموسيقى الرقمية واسطوانات «دي في دي» المتعددة الاستخدامات، وبرامج الكومبيوتر والألعاب، وحتى أجهزة الحاسوب وغيرها. وقد نجح الموقع أيضاً في كسب ثقة المستهلكين في أميركا ودول أخرى إذ أظهر استطلاع أُجري أخيراً أن البريطانيين يعتبرون «أمازون.كوم» الأفضل لبيع الأسطوانات الموسيقية والأفلام و...الكتب طبعاً!