ما أشبه اليوم بالأمس، فعندما يترقب الكرويون ليلة حافلة بمواجهة من الطراز «الفاخر» تجمع «ديوك» فرنسا، و«أسود» انكلترا، يتكرر مشهد مطابق تماماً لذلك الذي تركب في عام 2004 عندما احتضنت البرتغال المحفل الأوروبي، وتحديداً عندما كانت المجموعة الرابعة تضم منتخبي فرنسا وانكلترا، إذ كانا يضمان في صفوفهما أبرز اللاعبين وأهم النجوم على خريطة كرة القدم بأكملها ذلك الوقت. كان معظم المتابعين متأهبين لمباراة على مستوى عالٍ كان لهم أن عاشوا واحدة من أجمل مباريات البطولة وأكثرها إثارة. المنتخب الإنكليزي حينها شارك بمنتخب يتميز بصغر معدل الأعمار مثل روني ابن ال18 ربيعاً الذي كان أحد أهم اللاعبين في البطولة، وفرانك لامبارد صاحب السنوات ال25، إضافة إلى ستيفن جيرارد ذو ال24 عاماً، بل وكان من أبرز المرشحين للفوز باللقب، خصوصاً أنه يتمتع بقائد ذي شأن كبير والحديث هنا عن ديفيد بيكهام وهو يعيش أفضل سنوات مسيرته الكروية. في الجانب الآخر، كان المنتخب الفرنسي من يضم أقوى الأسماء على مستوى الكرة العالمية والأوروبية بشكل خاص فهو حامل اللقب وهو الذي يضم الساحر زين الدين زيدان الذي حمل كأس العالم قبل سنوات ست فقط عن هذه المواجهة، وهو الذي احتفل بدوري أبطال أوروبا للأندية مع ريال مدريد قبل عامين، زيدان «رجل النهائيات» كان حاضراً بروحه وهيبته، وسانده في منتخب «الديوك» المهاجم الفذ والمساهم دوماً في أكبر انجازات المنتخب الفرنسي تيري هنري، ومن خلفهم أحد أفضل قادة الملاعب باتريك فييرا صاحب الصولات والجولات في الملاعب الإنكليزية تحديداً مع أرسنال فهو اليوم سيواجه منتخب البلاد الذي عاش فيها أجمل أيامه الكروية. كل المعطيات تشير إلى مواجهة مختلفة ومن طراز آخر، أسماء النجوم تهز الملعب، وهيبتهم تحرك المشاعر، ومكرهم الكروي يحبس الأنفاس، ومهارتهم تجلب الإمتاع، انطلقت المباراة وتسيد بدايتها المنتخب «الفتي» الإنكليزي المليء بالشبان إذ كانت الحماسة واضحة على لاعبيه، وقدموا لمسات تنم عن قوة وعزيمة في عمل يبقى للذاكرة، فكان لهم أن أحرزوا أول الأهداف عبر رأسية لامبارد التي لم تنجح براعة بارتيز في إيقافها. أما في الشوط الثاني فكان لعبقرية زيدان، ودهاء هنري، وقوة فييرا، رأي مختلف تماماً إذ تحصل الأول على ضربة حرة قريبة من منطقة الجزاء فكانت بمثابة الهدية التي لاترد من الإنكليز، فاستثمرها بأفضل الطرق وركنها على يمين ديفيد جيمس الذل لم يكن له حولاً ولا قوة، وما كان له إلا أن يتابعها كما فعل أولئك الذين يملأون المدرجات. لم يكن هدف التعادل النهاية للمنتخب الفرنسي، إذ اختاروا السيناريو الأجمل بالنسبة إليهم، حينما تحصل هنري على ركلة جزاء في الدقيقة الثانية من الوقت بدل الضائع، لم يتوانَ زيدان الذي استثمر ضربة حرة من قبلها في أن يترجمها كهدف الفوز. صعد الفريقان لاحقاً لدور الثمانية وتلقى كل منهما خسائر مفاجئة إذ خسرت انكلترا من منتخب المستضيف البرتغال بركلات الترجيح، فيما اقصت اليونان نظيرها الفرنسي بهدف وحيد وكان هو المنتخب الذي حقق البطولة على حساب البرتغال.