قال وزير السياحة والآثار العراقي لواء سميسم، إن قمة بغداد واجتماعات وزراء الاقتصاد العرب أجبرا الحكومة على إعادة ترتيب أولوياتها، فبدأت تهتم بالقطاع السياحي الذي يعد من أكثر القطاعات إهمالاً، مشيراً الى وقف أعمال تنقيب تضطلع به مؤسسات اميركية. وأضاف سميسم، وهو من مناصري الزعيم الديني مقتدى الصدر، أن «وزارة السياحة والآثار كانت هامشية من دون حقيبة في بداية تشكيلها، وبعد إقرار البرلمان قانونها اصبحت بحقيبة لكن لم تخصص لها موازنة، وقد منحونا 2 بليون دينار (مليون و600 ألف دولار) فقط، ما تسبب بوقف مشاريعنا، خصوصاً في مجال التنقيب». وأكد أن الحكومة «وعدت بتخصيص50 بليون دينار في النصف الثاني من هذا العام في الموازنة الملحقة لإنهاء ما نسبته 70 في المئة من مشاريع الوزارة، وأغلبها لاستملاك دور تراثية وترميم وتنقيب». وتابع الوزير أن «انعقاد القمة في بغداد، التي سبقها وضع الخريطة الاقتصادية للبلد استعداداً لاجتماع وزراء الاقتصاد العرب، الذين ناقشوا واقع السياحة العربية كأول نقطة مدرجة على جدول الأعمال، ينبِّه المسؤولين إلى الأمر، فالعراق يضم عدداً لا حصر له من المواقع السياحية والآثارية». وبلغ عدد السياح العرب والاجانب الداخلين إلى العراق العام الماضي اكثر من 2 مليون، وبلغت العائدات من السياحة أكثر من بليون دولار. وعن الأرشيف اليهودي الذي عمدت القوات الأميركية الى نقله عام 2003 من قبو داخل دائرة الاستخبارات إلى الولاياتالمتحدة، قال الوزير: «هذا الأمر يثير الكثير من الشكوك لدينا، ولا أعتقد بأن أميركا تنوي إعادته، ولهذا سنلجأ إلى القضاء». وزاد: «وردتنا معلومات وأعلنت إسرائيل بأنها تسلّمت الأرشيف اليهودي العراقي من أميركا، وهو تراث لليهود، ونحن نقول لهم: هذه سرقة، وسنحمِّل أميركا تبعاتها. وقد قررنا قطع كل العلاقات المتعلقة بالآثار مع الولاياتالمتحدة، وأوقفنا فرق التنقيب الأميركية الموجودة حالياً في ذي قار ودهوك، وسعى الجانب الاميركي الى إعادة العلاقة معنا بكل السبل لكننا رفضنا، واشترطنا إعادة الأرشيف اليهودي اولاً». وكشف أن وزارته «أرسلت الكثير من الوفود الى الولاياتالمتحدة، لكنها رفضت إطلاع اللجان على الأرشيف ومكانه، وكل ما يعودون به هو كلام مبطن، مثل: نحن نجري الصيانة، و: هو موجود وسنعيده إليكم، وأنا أفسر كلامهم بأنه مجرد تسويف». واوضح أن «الأرشيف جزء من مشكلة أكبر، فالولاياتالمتحدة أعلنت احتفاظها بأكثر من 10 آلاف قطعة أثرية أُخرجت من العراق بعد احتلاله، وعرضوا علينا إعادة 3500 قطعة منها مقابل إعادة العلاقة، لكنني رفضت، فإما إعادتها كلها أو لا علاقة بيننا». ويشك الوزير في ان أميركا تحتفظ بأكثر من هذا العدد، ويقول: «أتوقع أنها والقوات البريطانية أخرجت من العراق أكثر من 80 ألف قطعة أثرية». وبيَّن أن «هذه الآثار اطلعت عليها شخصياً في متاحف بنسلفانيا ونيويورك ومدن أخرى، وليس من حقهم الاحتفاظ بها، كما أنها تعرض بين الحين والآخر في مزادات للآثار». وعن آخر إحصاء لعدد القطع الأثرية المسروقة التي تم استعادتها، قال: إن «القطع المسجلة في المتحف العراقي والتي تم إعادتها 4764 قطعة من أصل 10 آلاف، أما غير المسجلة فتبلغ 117 ألف قطعة. ولم نعلم حتى الآن أرقام القطع التي سرقت ونتوقع أن يتجاوز العدد ضعف هذا الرقم». وقال: «نحن الآن نعطي مكافآت قيّمة لمن يعيد الآثار، لكننا نركز على أمور أخرى، منها حماية المواقع الأثرية ومتابعة مزادات الآثار في الخارج. وحاليا نطالب بتعيين 13 ألف حارس للمواقع الأثرية لأن عددهم الآن 1200 حارس وعليهم حراسة أكثر من 23 ألف موقع، وهذا مستحيل، وهناك بؤر التهريب في مدن الكوت وذي قار والديوانية». وأكد أن «عمليات التنقيب في كردستان تجري من دون علم الوزارة». وأوضح: «ليس لدينا أي سيطرة على الآثار في الإقليم، ويجب أن يكون هناك تنسيق، لان الآثار تعد من صلاحيات الحكومة الفيديرالية وهي ثروة قومية». أما عن رغبة يهود ومسيحيين من بلدان العالم، وحتى من إسرائيل، بزيارة مواقع أثرية، فقال سميسم إن «القانون واضح في موضوع الآثار، والتعامل معه على انه تراث إنساني، بغض النظر عن الدين، فبابل معروف عنها أنها مدينة تعبد الأصنام، ثم اليهودية، وهناك معابد لملحدين، وكنس وأديرة يهودية وغيرها، فلا يجوز النظر إليها من وجهة نظر دينية، بل هي تراث إنساني يهم العالم كله، وحرية الأديان يكفلها الإسلام، ومن حق أي مواطن في العالم، يهودي أو مسلم أو مسيحي او صابئي، زيارة العراق للاطلاع على آثار دينه».