واشنطن - «نشرة واشنطن» - كانت السماء صافية في تلك الأمسية من آب (أغسطس) 2007، وكانت السيارات المتلاصقة ببعضها بعضاً تنقل موظفين وعمالاً إلى منازلهم عبر جسر على نهر الميسيسيبي، في طريق عودتهم من أعمالهم في وسط مدينة مينيابوليس الأميركية. وكانت عشرات السيارات تتقدم على الجسر ومن بينها حافلة مدرسية تنقل 60 طفلاً. وكانت هناك شاحنات ثقيلة ومواد تستعمل لإصلاح الهيكل الفولاذي للجسر البالغ عمره 30 سنة متوقفة عند أحد طرفي الجسر. وعند الساعة السادسة وخمس دقائق مساء، انهار الجسر «الرقم 35» العابر لولايتين، بمساراته الثمانية، وتحطم إلى أقسام، قاذفاً السيارات والخرسانة، والمعدن الملتوي إلى النهر على مسافة 64 قدماً تحت الجسر. أما الحافلة المدرسية فتمكنت من المحافظة على توازنها عند حافة أحد أجزاء الجسر. وأسرعت إحدى عاملات الإطفاء من مينيابوليس التي كانت خارج دوام عملها إلى ارتداء سترة الإنقاذ وقفزت إلى النهر، وهي تتعلق بحبل الإنقاذ، وسبحت بين السيارات بحثاً عن ناجين. وانضم إليها مستجيبون آخرون للمساعدة في إخراج الركاب من السيارات. وقُتل في ذلك الحادث 13 شخصاً وجُرح 145 آخرون. وعُزي الفضل في إنقاذ حياة الركاب الصغار في الحافلة المدرسية إلى العمل السريع الذي قام به سائق الحافلة بتشغيله مكبح الطوارئ فيها. وقالت عضو مجلس الشيوخ الأميركي من ولاية مينيسوتا التي يبعد منزلها مسافة ستة مربعات عن الجسر آيمي كلوبوشار: «ليس مفروضاً أبداً أن ينهار الجسر، خصوصاً أنه ليس من الجسور التي تشهد حركة سير كثيفة في الولاية، خصوصاً أنه ليس في ساعة ازدحام السير في وسط منطقة رئيسة من المدينة». تمويلات حكومية ومارست كلوبوشار واثنان من أعضاء الكونغرس الأميركي، الذين مثلوا ولاية مينيسوتا في حينه، وهما عضو مجلس الشيوخ نورم كولمان وجيم أوبرستار، الذي كان يرأس لجنة النقل والبنية التحتية في مجلس النواب، الضغط على الكونغرس لتقديم مبلغ 250 مليون دولار كتمويل طارئ لبناء جسر جديد. وفي الولاياتالمتحدة، تقع على عاتق الولايات المنفردة مسؤولية صيانة الطرق العامة فيها وتأمين إدارة الطرق المحلية. وتشارك الحكومة الفيديرالية في التكاليف مع الولايات والبلديات. وهناك ضريبة فيديرالية على الوقود لتوليد الإيرادات، وتستعمل الولايات والمناطق المحلية مجموعة متنوعة من الضرائب والرسوم لصيانة الطرق والجسور. وتخصص التمويلات الفيديرالية على أساس صيغة يصادق عليها الكونغرس، ويصدر الكونغرس أحياناً قوانين لتمويل مشاريع معيّنة للطرق والجسور. واستناداً إلى دائرة النقل في الولاية، كانت تجتاز الجسر يومياً 140 ألف سيارة. وعمل المشرعون الثلاثة مع حاكم ولاية مينيسوتا، تيم باولنتي، ومع دائرة النقل في ولاية مينيسوتا، ومع رئيس بلدية مينيابوليس آر تي رابياك، للحصول على تمويلات من الولاية، لإعادة بناء الجسر. وتواصلت لجنة شكلتها الولاية مع مجموعات محلية للتشاور حول بناء جسر جديد يكون أكثر أماناً ويتضمن 10 مسارات في الموقع ذاته، ويمكن أن يدوم 100 سنة على الأقل. وشملت عملية إعادة بناء الجسر دائرة النقل في الولاية، ومدينة مينيابوليس، ومجموعة تجارية لا تبغي الربح باسم «أسوشييتد جنرال كونتراكتورز»، و «جامعة مينيسوتا»، التي تضم حرمين لها على جانبي النهر. وعلى المستوى القومي، شملت العملية مساهمة «الإدارة الفيديرالية للطرق العامة» و «مصلحة المتنزهات القومية» وخفر السواحل وسلاح الهندسة في الجيش الأميركي، و «إدارة السلامة المهنية والصحّة» التابعة لوزارة العمل. وأقر «المجلس القومي لسلامة النقل»، الهيئة الفيديرالية الأميركية التي تحقق في حوادث النقل الرئيسة، أن السبب المحتمل لانهيار الجسر كان خطأ في التصميم من جانب مقاولي البناء والإنشاء الأصليين للجسر. وأشارت تقارير إخبارية إلى وجود سبب محتمل ساهم في تردّي حال الجسر هو روث الطيور الحمضي المتراكم على أعلى عارضات دعم الجسر. وعملت المدينة والجامعة سوية على إنشاء ممر للمشاة على جسر محلي مجاور للجسر المنهار كي يتمكن الناس من مشاهدة عمليات إزالة ركام الجسر القديم وإنشاء الجسر الجديد. دروس مكتسبة افتتح الجسر الجديد في أيلول (سبتمبر) 2008، بعد 13 شهراً من انهيار الجسر القديم. ووفرت سرعة تنفيذ المشروع أموال دافعي الضرائب، وخففت من وقت سفر المتنقلين يومياً. وعام 2009، اختارت مؤسسات أعمال عدة مشروع استبدال الجسر كأحد أفضل مشاريع النقل في الولاياتالمتحدة للعام نفسه، لكن الدرس الأهم الذي اكتسبته الولاية هو أن للصيانة المنتظمة للبنية التحتية أهمية خاصة. وجرى تجهيز الجسر الجديد بأكبر نظام مانع للتجمّد في العالم، يتضمّن 323 جهاز استشعار تتعقب كيف يتمكن الجسر من التعامل مع إجهادات حركة السير. وواصلت السيناتور كلوبوشار، بعد خمس سنوات على الحادث، الضغط على الكونغرس لتخصيص مزيد من الأموال لإصلاح وصيانة الطرق والجسور في الولاياتالمتحدة.