أثار هروب مريض نفسي من مستشفى حكومي في مكةالمكرمة بعد اعتدائه على طبيب نفسي عاين حالته داخل المستشفى موجة امتعاض كبرى، طالت آلية التعامل مع المرضى النفسيين في السعودية. وأحدث المريض النفسي «الثائر» فوضى داخل أروقة المستشفى قبل أن يلعب دور «البطولة» في مطاردة «ماراثونية» داخل طرقات العاصمة المقدسة أسفرت عن القبض عليه بعد تدخل جهات أمنية قاومها المريض حتى خارت قواه ليقتاد من جديد إلى المستشفى «مكبلاً». وشنت أوساط اجتماعية هجوماً لاذعاً على الأطباء النفسيين متهمة إياهم بالفشل في «ترويض» المرضى النفسيين، الذين باتوا يشكلون خطراً يحدق بكافة أطياف المجتمع، وذلل الناقمون على المرضى النفسيين وسائل التقنية من طريق إنشاء مجموعات بريدية ومواقع إلكترونية لنشر حملتهم المطالبة بإيجاد آلية مثلى للتعامل مع المرضى النفسيين، ويقول أحد الناشطين في الحملة عمار جاها ل «الحياة»: «بالأمس القريب قتل مريض نفسي أكاديمية سعودية في مكة، وتلاه مريض آخر اقتحم مدرسة حاملاً مسدساً وأودى بحياة مدرس أمام طلابه، ثم اقتحم مريض نفسي ثالث مستشفى حكومياً حاملاً رشاش كلاشينكوف بطريقة «هوليودية» وقتل ممرضاً، واليوم شهدت طرقات مكة أيضاً مطاردة «ماراثونية» لمريض نفسي ضرب طبيبه وهجم على رجل الحراسات وفر هارباً، قبل أن ينحر مريض نفسي رابع أخيراً أبنائه الثلاثة بوحشية غير مبررة، وحقيقة كل هذه الحوادث التي تكررت في ظرف أسابيع قليلة تؤكد وجود خلل كبير في آلية التعامل مع المرضى النفسيين في السعودية، إذ بات جلياً تحول كثير منهم إلى قتلة يقتحمون المباني الحكومية حاملين أحدث الأسلحة الفتاكة ويقتلون كل من لا يحلو لهم أو يخالفهم، ونحن نطالب بضرورة وقف تدفق سيل القتلة، وعلاج المرضى النفسيين الذين يدفع المجتمع ضريبة إهمالهم». وعلى خط مواز، فندت الأختصاصية النفسية الدكتورة سميرة الغامدي أي ادعاءات بوجود تقصير من الأجهزة الطبية في العناية بالمرضى النفسيين، مشيرة إلى أن مسؤولية العناية بالمرضى النفسيين «مسؤولية جماعية تقع على كاهل الأطباء والأسر وكافة شرائح المجتمع، ومن الجور أن يتحمل وزرها الأطباء دون غيرهم»، وملمحة إلى أن المرض النفسي بات «شماعة» يعلق عليها المجرمون أخطاءهم، «وتتفاعل معهم وسائل الإعلام والمجتمع بطريقة سلبية». بدوره، كشف المستشار القانوني سيد محمد الشيخ أن بعض المجرمين يلجأون إلى حيل «واهية» لتخفيف الأحكام الصادرة في حقهم، محاولين استغلال تقارير تثبت مرضهم نفسياً، «إلا أن الأجهزة الأمنية والقضائية في السعودية لا تعتد بتلك التقارير، بل تحول المجرمين إلى الطب الشرعي، إذ يعاينه أختصاصيون نفسيون ليحددوا حالته العقلية، أما التقارير التي يبرزها المتهمون فلا قيمة لها».