أ ف ب - سيمر كوكب الزهرة بين الأرض والشمس، خلال الشهر المقبل، في اصطفاف استثنائي لن يتكرر قبل 105 سنوات، وهي ظاهرة يترقبها هواة الفلك والخبراء في الفيزياء الفلكية. وفي الخامس من حزيران (يونيو)، بدءاً من الساعة العاشرة وتسع دقائق ليلاً بتوقيت غرينتش وعلى مدى سبع ساعات، ستعبر دائرة سوداء، 32 مرة أصغر من الشمس، هي في الواقع ظل كوكب الزهرة، أمام قرص الشمس ويمكن رصدها بالعين المجردة شرط وضع نظارات الحماية المناسبة كتلك التي تباع عند حدوث كسوف. إلا أن هذه الظاهرة النادرة لن تُرى في كل أنحاء العالم، وجزء كبير من سكان العالم لن يتمكن من متابعة سوى جزء منها عند شروق الشمس أو مغيبها. ففي باريس مثلاً، سيمر حدث الزهرة مرور الكرام لأن الشمس ستكون قد غابت، غير أنه يمكن مراقبته عند شروق الشمس في السادس من الشهر المقبل، الساعة السادسة إلا عشر دقائق صباحاً (بالتوقيت المحلي) حتى انتهاء المشهد بعد ساعة. ومع أن مرور الزهرة أقل بروزاً من الكسوف، إلا أنه يحمل الى العلماء كمّاً كبيراً من المعلومات. ويقول كلود كاتالا، رئيس مرصد باريس: «لن تشكل الظاهرة استثناء هذه السنة، لكنها فرصة رائعة». ومرور الزهرة يكون عادة ثنائياً، يفصل بين مروريه الأول والثاني ثماني سنوات، كل قرن أو يزيد، لذا فقبل المرور الأول لهذه الظاهرة في 2004 لم يكن أي عالم فلك قد تمكن من دراستها. وبعدما توقع عالم الرياضيات الألماني يوهانز كيبلر، هذه الظاهرة، تمكن علماء الفلك الغربيون من دراسة مرور كوكب الزهرة خمس مرات أمام الشمس في 1639 و1761 و1769 و1874 و1882. وفي عصر التنوير، أثار اصطفاف كوكب الزهرة مع الشمس حماسة لدى الدول العظمى، وأُرسلت بعثات بحرية إلى المحيطين الهندي والهادئ قبل سنوات على حلوله. وكان الرهان كبيراً، إذ أن الاصطفاف يسمح بقياس دقيق للمسافة الفاصلة بين الأرض والشمس من خلال علم حساب المثلثات. وخلال هذه الظاهرة، عام 2004، أعاد مئات من تلاميذ المدارس الثانوية وهواة الفلك، القياسات التي اجراها أجدادهم العريقون مثل المستكشف البريطاني جيمس كوك، والفرنسي كاسيني في القرن الثامن عشر، كما يقول جان-واد آرلو من المركز الوطني للبحث العلمي. وبفضل التقدم التقني، توصلوا إلى قياسات أدق من تلك التي توصل اليها علماء الفلك آنذاك. وسمحت عمليات الرصد في 2004 باستعدادات أفضل لمرور كوكب الزهرة الحالي. ويوضح آرلو: «في 2012 نعرف أن في إمكاننا تمييز الغلاف الجوي للكوكب». ودراسة الغلاف الجوي للكوكب ستسمح بمقارنته مع كواكب أخرى خارجة عن النظام الشسمي وربما تكون قابلة للحياة. لذا نظم علماء فلك فرنسيون بعثة علمية دولية لدرسه من تسع نقاط مختلفة من المحيط الهادئ وآسيا وأميركا. وستستخدم أيضاً تلسكوبات، فضلاً عن المسبار الأوروبي «فينوس اكسبرس» والتلسكوب الفضائي «هابل» وأقمار اصطناعية مختلفة.