تسببت الصحافة في تحول في وجهات النظر في لندن، ووجه العماليون اللوم إلى «انعدام كفاءة» رئيس الوزراء ديفيد كامرون. ولاحقت انتقادات حادة الحكومة البريطانية بعد إعلانها في العاشر من أيار (مايو) تغيير رأيها في شأن الطائرة المقاتلة التي ستعتمدها بلاده في المستقبل. السبب: شراء مقاتلة «جوينت سترايك فايتر - إف - 35» القاذفة المطاردة الخفية من الجيل الخامس التي تصنعها مجموعة «لوكهيد مارتن» الأميركية. وبعد شهور من التردد، ونظراً إلى الضغوط على الموازنة، اختار كامرون طرازاً أرخص من الطائرة التي ستجهز بها حملات طائرات «صاحبة الجلالة» في المستقبل. وأدى القرار إلى إلغاء التعاون المتوقع في المجال هذا مع فرنسا. وال «إف - 35» هي طائرة المعايير النموذجية: وهي برنامج التسلح الأغلى في التاريخ العسكري. وكلف هذا البرنامج دافع الضرائب الأميركي 1500 بليون دولار (1160 بليون يورو)، ليستمر في العمل نصف قرن، على ما اعترف في آذار (مارس) البنتاغون. وهو ما ندد به ويلسون ويلر في مجلة «فورين بوليسي» باعتباره «يزيد عن الناتج الوطني الإجمالي لإسبانبا». ويؤكد نقاد أقسى وأعند، منهم هذا الخبير السابق في مجلس الشيوخ الأميركي: «أن الوقت أزف لرمي [المشروع] في سلة المهملات». وسيكون لدى الأوروبيين سببٌ وجيهٌ للاقتداء بذلك. «فالأميركيون يمكنهم بواسطة مشروع «جوينت سترايك فايتر» القضاء على الطيران الأوروبي المقاتل»، على ما يؤكد مصدر فرنسي معني. والوداع [لمقاتلتي] «رافال» و «غريبن» وغيرهما من المقاتلات الأوروبية. وكبداية تريد واشنطن صنع ستة آلاف نموذج يكون نصفها للتصدير. (على سبيل المقارنة، يتألف سلاح المطاردات الفرنسي من 270 طائرة). ومن المقرر أن تستبدل جوهرة الطائرة فوق الصوتية، كل الطائرات المقاتلة من الجيل الحالي. بيد أن قصة «إف – 35» الملحمية تتخذ منحى سيئاً. وما زالت قدراتها التقنية غير مثبتة. وتكاليفها ترتفع. وجدولها الزمني يبتعد. كان من المقرر أن تدخل الخدمة في الولاياتالمتحدة في 2011؛ لكنها لن تصبح عملانية قبل 2019. في حين أن 400 بليون دولار أنفقت عليها وفق تقرير ديوان المحاسبة الأميركي الذي تضمن انتقاداً حاداً. وتدفع الأزمة الاقتصادية كل زبائن «الإف - 35»، أو جلهم، إلى تقليص طلبياتهم، الأمر الذي يساهم في رفع سعر الطائرة الواحدة. فإيطاليا التي كانت تريد 131 طائرة، أعلنت في شباط (فبراير) أنها ستكتفي بتسعين. أما أستراليا فأعلنت في مطلع أيار إرجاء شراء طائراتها الاثنتي عشرة الأولى. وتمثل المملكة المتحدة جزءاً من البلدان الرئيسة التي قررت الحصول على الطائرة. وأرادت لندن شراء 150 طائرة. وفق هذه الطلبية كانت مئة شركة بريطانية ستحصل على حصص لها. لكن قيود الموازنة قد تقلص الطموح هذا إلى 50 طائرة وهو ما لم تؤكده الحكومة البريطانية. وكانت لندن تعتزم تجهيز حاملتي طائرات في المستقبل بمطاردات «إف - 35 سي» القابلة للقذف من أجهزة إطلاق الحاملات. الطراز الآخر «إف – 35 بي» هو طائرة الإقلاع العمودي. ومستوى أدائه ليس كسابقه: مداه أقصر ويحمل كمية أصغر من الأسلحة. لكن تكلفة تقنية القذف الأميركية الجديدة، القائمة على تكنولوجيا كهرمغناطسية جديدة، ارتفعت ارتفاعاً كبيراً. وتضاعفت التكلفة لتبلغ 2.5 بليون يورو. وأشارت «لوكهيد مارتن» إلى أن الطراز «سي» لن يمكن تسليمه قبل عام 2023. والمملكة المتحدة التي نزعت أسلحة كل حاملات طائراتها لن تكون قادرة على الانتظار إلى ما بعد 2020 لاستعادة رمز سيادتها هذا. وستحوز البلاد، إذاً، على السفينة الباهرة الجديدة «إتش إم إس كوين إليزابيث» التي لا يمكن أن تنزل إلى البحر من دون طائرات. وأوضح وزير الدفاع فيليب هاموند أمام البرلمان أن «الوقائع تغيرت وقرارنا كذلك. وهذه الحكومة لن تتبع كالأعمى أية مشاريع من دون أن تأخذ في الاعتبار زيادات التكاليف والتأجيل». لقد عاد المحافظون إلى الخيار الأساسي... ذاك الذي تبناه خصومهم العماليون. * صحافية، عن «لوموند» الفرنسية، 13/5/2012، إعداد حسام عيتاني