وحّدت الحكومة الإسرائيلية الجديدة بقيادة زعيم معسكر اليمين بنيامين نتانياهو الفلسطينيين الذين سارعوا إلى إدانتها، رغم انقساماتهم الحادة. وأعلن الرئيس محمود عباس أمس أنه لن يتعامل مع هذه الحكومة ما لم تقبل بحل الدولتين وتوقف الاستيطان، مطالباً العالم بالضغط عليها لتنفيذ التزاماتها بموجب خطة «خريطة الطريق». وقال عباس إن نتانياهو «لا يؤمن بحل الدولتين وبالاتفاقات الموقعة، ولا يريد أن يوقف الاستيطان. وهذا شيء واضح... علينا أن نقول للعالم إن هذا الرجل لا يؤمن بالسلام، فكيف يمكن أن نتعامل معه. لنضع الكرة في ملعب العالم ليضغط ويمارس مسؤولياته». وأضاف: «نحن من جانبنا قمنا بكل ما علينا وقمنا بتلبية كل البنود المطلوبة منا في خطة خريطة الطريق، وعلى العالم أن يقول ماذا عن التزامات إسرائيل المثبتة في البند الأول من الخطة، وهذا تحريك لعملية السلام». وأشار إلى أنه «إذا لم نقم بما علينا، سيلومنا العالم ويقول لم تفعلوا المطلوب منكم. لكن الآن العالم كله سيقول إن على إسرائيل أن تقبل بحل الدولتين وأن توقف الاستيطان وتزيل البؤر الاستيطانية التي تسميها غير شرعية، والاستيطان كله غير شرعي، وأن تزيل الحواجز». وأضاف أن المسؤولين الأميركيين يعتبرون أن السلطة الفلسطينية قامت بالتزاماتها، ما «يضع الكرة الآن في ملعب أميركا وأوروبا وإسرائيل». ونقلت وكالة «فرانس برس» عن أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه أن وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد أفيغدور ليبرمان يشكل «عقبة في وجه السلام» بإعلانه أن إسرائيل غير ملزمة بمؤتمر أنابوليس الذي أعاد إحياء مفاوضات السلام. وقال عبد ربه: «نحن غير ملزمين بالتعامل مع شخصية عنصرية ومعادية للسلام مثل وزير الخارجية ليبرمان... هذا الوزير يشكل عقبة في وجه السلام وسيلحق الضرر بإسرائيل قبل غيرها». من جهته، رأى الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة في موقف ليبرمان الذي تنصل من اتفاق أنابوليس، «تحدياً للمجتمع الدولي والادارة الأميركية التي تبنت حل الدولتين، وعلى المجتمع الدولي أن يرد على هذه الاستفزازات وهذه التصريحات الناسفة للأمن والاستقرار في المنطقة... مطلوب من واشنطن تبني موقف واضح من هذه السياسة قبل أن تصبح الأمور في غاية السوء». وفي قطاع غزة، اعتبرت حركة «حماس» أن حكومة نتانياهو «تعكس التوجه العام للمجتمع الإسرائيلي في تنكره للشعب الفلسطيني وحقوقه وإظهار العداء له». ورأت أن «من العبث مطالبة الحكومة الفلسطينية المقبلة بالالتزام بالاتفاقات الموقعة». وشدد الناطق باسم الحركة فوزي برهوم في بيان أمس على أن «لا فرق بين حكومات إسرائيل، فقد جربناها جميعاً، ولكن حكومة نتانياهو بتركيبتها تعكس التوجه العام للمجتمع الإسرائيلي... تركيبة عنصرية متطرفة». وأشار إلى أن الأمر «الأكثر وضوحاً في برنامجها العنصري المتطرف» هو «تنكرها لحقوق الشعب الفلسطيني وإظهار العداء لأهلنا ولشعبنا، وإدارة الظهر لكل التزامات الحكومات السابقة». وقال إن «ذلك يستدعي تشكيل حالة فلسطينية جديدة قوية ومتماسكة على قاعدة صون الحقوق والثوابت الفلسطينية لها ظهير عربي يعزز من صمود شعبنا ومقاومته، مستخدمين أوراق الضغط كافة على الاحتلال الصهيوني، بما فيها إنهاء كل أشكال التفاوض والتنسيق والتطبيع مع الاحتلال». من جهة أخرى، قال عباس إنه يأمل أن يسفر الحوار الفلسطيني في القاهرة عن تشكيل حكومة توافق وطني «لا تجلب الحصار». وأضاف: «عندما نقول نريد حكومة تلتزم بالتزامات منظمة التحرير، لا يستطيع أحد أن يقول لماذا، لأن هذه الحكومة إذا لم تلتزم ستُقاطع، ولن يكون هناك تعامل معها، أي لن تكون هناك إعادة إعمار، وغزة تنتظر... هذه مواصفات الحكومة، وبالتالي من يقبلها فأهلا وسهلا، ومن لا يقبل فهو المُلام، ومع ذلك نحن لا نريد أن نتحدث عن الملامة ومن المذنب، بل نريد أن نشكل حكومة وأن نذهب إلى الانتخابات التشريعية والرئاسية» قبل 24 كانون الثاني (يناير) 2010. وعن حكومة سلام فياض التي دخلت استقالتها حيز التنفيذ أول من أمس، قال عباس إن «الحكومة قدمت استقالتها من أجل تسهيل الحوار الوطني، ولم تُقبل هذه الاستقالة، لذلك سنرى بعد جولة الحوار هذه ماذا سنفعل بعد التشاور أولاً مع الأشقاء العرب». وفي هذا السياق، أعلن فياض أمس أن حكومته ستواصل القيام بمهماتها إلى أن تتكشف نتائج الحوار الوطني الجاري في العاصمة المصرية. وقال للصحافيين في مكتبه في رام الله إن حكومته «لن تترك البلد في فراغ، وستواصل العمل انتظاراً لنتائج الحوار الوطني... استمرارنا في العمل متعلق بالحرص على أن لا يكون هناك فراغ إطلاقاً».