لم يكن سيد يوسف، وهو احد قادة «جيش المهدي» سابقا، يفكر في الانتقال من منزله جنوب بغداد لو لم تبدأ حملة رفع الحواجز الاسمنية وعودة المهجرين وبروز نيات لملاحقات «عشائرية» لمن ساهم في عمليات التهجير. إزالة هذه الحواجز من داخل الإحياء البغدادية تدريجا، وانقشاع غبار الاقتتال الطائفي بعد سنوات عصيبة، سهل عودة اعداد كبيرة من العائلات المهجرة الى شوارع العاصمة. لكن العودة أصابت عناصر الميليشيات السابقين، ومنهم سيد يوسف، بقلق. ورغم انه ينفي علاقته بعمليات التهجير التي جرت في منطقته بأبو دشير والمناطق المجاورة، لكنه ينوي الانتقال إلى مدينة الصدر لأنه سيكون «في موضع اتهام ولوم الجميع». ويضيف: «لم يبق احد من قادة جيش المهدي. الجميع تم اعتقالهم وكنت من إفراد الميليشيا ليس إلا، ولو كنت ارتكبت جرما لتم اعتقالي، ومع ذلك فإنني استمع يوميا الى الاتهامات والتجريح، سيما من الذين عادوا الى منازلهم من رحلة التهجير». ويشير يوسف الى انه «يخشى عملية انتقام قد ينفذها احد المتضررين من المرحلة السابقة، باعتباره كان جزءا من المشكلة على رغم اننا كنا ندافع عن منطقتنا من هجمات الجماعات الإرهابية». سعيد كامل، وهو من المهجرين العائدين الى الحي يرى: «ان اختفاء بعض قيادات الميليشيات بعد استعادة القوات الامنية هيبتها، يشبه ما حصل لكبار أعضاء حزب البعث بعد سقوط النظام السابق». ويضيف: « بغض النظر عن القوانين التي قد تبرئ الكثير من المتهمين، هناك تقاليد واعراف عشائرية في العراق قد تلاحقهم لذا فضل بعضهم الاختباء».ويتابع انه ينوي ملاحقة احد الذين هجروه «عشائريا». وكان قد اوصل اليه تهديدات لترك عمله في الشرطة المحلية حينما كانت الميليشيات تحظر العمل مع الحكومة. وكانت الميليشيات الشيعية تعرضت لحملة عسكرية بداية العام الماضي اطلق عليها اسم «صولة الفرسان» اختفت على اثرها من شوارع المناطق الشيعية. في المقابل يتساءل أهالي حي زبيدة الشيعي جنوب العاصمة عن أسماء بعض عناصر قوات «الصحوة» في الجزء السني من الحي الذي كان معزولا عن الجزء الشيعي بالحواجز الاسمنية، ويعتقدون ان عناصر الصحوة كانوا يطلقون النار وقذائف الهاون عليهم لكنهم اختفوا بعد رفع الحواجز. ويعتزم بعض الاهالي تقديم دعاوى ضد بعض إفراد قوات الصحوة الذين اشتركوا في عمليات القتل والتهجير عندما كانوا جزءا من المجموعات المسلحة السنية. ويؤكد الرائد جاسم، من مركز شرطة الحي وجود «وثائق وأدلة تثبت تورط العديد من عناصر الصحوة بعمليات ارهابية لكنهم قد يشملون بقانون العفو العام لأن اغلب الجرائم حدثت قبل سن القانون بداية عام 2008». ويلفت الى ان «بعض المواطنين يقدم شكاوى ضد من يعتقد انهم شاركوا في تهجيرهم او ايذائهم بأي شكل من الاشكال». وكانت قيادة عمليات بغداد شرعت في بداية العام الجاري برفع بعض الحواجز الخرسانية من شوارع العاصمة، ما اسهم في عزل المتقاتلين بين الإحياء الشيعية والسنية. وأعلن الناطق باسم العمليات اللواء قاسم عطا ان عام 2009 سيكون عام إزالة كل هذه الحواجز.