ستكون مكافحة المجموعات الاسلامية المتطرفة في افريقيا والقلق الكبير من انتشار فيروس ايبولا وتفعيل التعاون الاقتصادي في صلب القمة الاميركية - الافريقية التي تفتتح اليوم الاثنين، لكن التعاون مع الافارقة في المجال الامني غالباً ما تحول الى معضلة للاميركيين. وسواء في مواجهة جماعة "بوكو حرام" في نيجيريا او حركة "الشباب" الاسلامية في الصومال، وكلاهما مرتبط بتنظيم "القاعدة"، حاولت الولاياتالمتحدة تطبيق مقاربات مختلفة من غرب القارة الى شرقها، مع اعطاء الافضلية لدعم قوات افريقية متعددة الجنسية وليس جيوشاً وطنية. واعلن الرئيس الأميركي باراك اوباما الذي يستضيف اربعين رئيس دولة افريقية في واشنطن، ان هذه القمة غير المسبوقة ستكون فرصة "لبحث المسائل الامنية مع افريقيا". والهدف بالنسبة اليه العمل مع "شركاء اقوياء" لديهم "قوات امنية فاعلة" بحيث يصبح بوسع الولاياتالمتحدة خفض دعمها المالي مع ضمان "أمن طويل الامد" لهذه البلدان. لكن الشركاء ليسوا دائما بالصلابة المرجوة، ويترتب على واشنطن من اجل ان يكون لها تأثير على النقاط الساخنة في القارة التعاون مع بعض الجيوش الاسوأ سمعة في افريقيا. ويردد المسؤولون الاميركيون منذ سنوات انهم على استعداد لمساعدة نيجيريا على مكافحة "بوكو حرام" التي تخوض حركة تمرد منذ 2009، اوقعت الاف القتلى في البلد الاكبر عدداً سكانياً في القارة. وعملية خطف اكثر من مئتي طالبة التي قامت بها الجماعة في نيسان (ابريل) سلطت الاضواء عليها وحملت الولاياتالمتحدة على عرض مساعدة عسكرية واستخباراتية على ابوجا. وفي الطرف الاخر من القارة السمراء يواصل متمردو حركة "الشباب" اعتداءاتهم في الصومال ويوسعون بقعة عملياتهم الى الدول المجاورة حيث فجروا قنابل في كمبالا العام 2010 وشنوا هجوماً ضخماً على مركز تجاري في نيروبي العام الماضي. وعلى هذه الجبهة، لزمت الولاياتالمتحدة نهجاً متعدد الاطراف، فقدمت مساعدة مالية ولوجستية وعلى صعيد الاستخبارات والتدريب لقوات الاتحاد الافريقي في الصومال. لكن اذا كانت بعثة الاتحاد الافريقي نجحت في طرد "الشباب" من مقديشو ومنعهم من الاطاحة بحكومتها الهشة المدعومة من الغرب، الا ان القوات الافريقية اثارت الكثير من الانتقادات. فقسم من رواتب الجنود اختلسه رؤساؤهم ويشتبه في ان كمية من الاسلحة الموجهة الى القوة الافريقية وصلت الى ايدي "الشباب". واخيراً تتمركز فرقة صغيرة من القوات الخاصة الاميركية منذ 2011 في افريقيا الوسطى لمطاردة رئيس "جيش الرب للمقاومة" جوزف كوني الملاحق من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب. وهذه الحركة المسلحة التي انشئت في اوغندا والتي تعتبر من اكثر الحركات دموية في افريقيا وسعت عملياتها الى الدول المجاورة. وفي مطلق الاحوال فإن الولاياتالمتحدة ليست مهددة مباشرة اليوم من المجموعات المسلحة التي تنشط في افريقيا. لكن بن رودز مساعد مستشارة الامن القومي في البيت الابيض حذر من ان واشنطن "قلقة حيال مساعي مجموعات ارهابية للترسخ" في مناطق مضطربة مثل الصومال وشمال شرق نيجيريا وشمال مالي. وتهدف القمة ايضاً الى نسج علاقات اقتصادية اكثر متانة بين الولاياتالمتحدة وافريقيا، المنطقة الواعدة التي تسجل نمواً اكبر من بقية العالم يتوقع صندوق النقد الدولي ان يبلغ 5.8 في المئة في 2015. وتحتل الولاياتالمتحدة المرتبة الثالثة على لائحة الشركاء التجاريين مع افريقيا، بعد الاتحاد الاوروبي والصين. ويؤكد البيت الابيض ان مبادرته هذه ليست ردا - متأخرا - لمشروع "افريقيا الصينية"، مع انه من الواضح في التصريحات الاميركية ان اندفاع الصين الواضح باتجاه القارة في العقد المنصرم، ماثل في الاذهان. ويتضمن برنامج المحادثات تمديد البرنامج الاميركي الذي يمنح امتيازات تجارية لبعض المنتجات الافريقية ويطلق عليه اسم "اغوا" ومبادرة "القوة لافريقيا" (باور افريكا) التي تهدف الى مضاعفة كمية الكهرباء التي تحصل عليها منطقة افريقيا جنوب الصحراء. وسيشمل اهتمام القمة ايضا الازمة الصحية المتمثلة بانتشار فيروس ايبولا المسبب للحمى النزفية في غرب افريقيا حيث توفي 700 شخص حتى الآن بهذا المرض. ولانشغالهما في التصدي لما يعد اكبر انتشار لهذا المرض خلال حوالى اربعين عاما، تخلى رئيس سيراليون ارنست باي كوروما ونظيرته الليبيرية ايلين جونسون سيرليف عن التوجه الى الولاياتالمتحدة. وسيخضع موفدو الدول التي سجلت فيها اصابات لاجراءات مراقبة طبية اكد اوباما في اطار سعيه الى طمأنتهم، انها تدابير "وقائية" لاشخاص تعرضوا "لاحتمال ضئيل جدا" للاصابة بالمرض. ولم يخطط اوباما لعقد اي لقاء ثنائي، اذ ان البيت الابيض يركز على عشاء كبير سيقام في البيت الابيض مساء الثلثاء ويشكل تحديا لوجستيا وديبلوماسيا كبيرا.