الأزمة الاقتصادية التي ما فتئت تعانيها اليونان منذ سنوات، دفعت كثيرين من اليونانيين إلى استعمال الإنترنت وسيلة لتفادي غلاء الأسعار، والبحث عن منتجات أرخص عبر ما يسمى بال «الاقتصاد الرقمي». وتثبت أي مقارنة بسيطة الفرق الكبير بين أسعار السلع نفسها عندما يشتريها المستهلك من المتجر أو بالخدمة المباشرة، وبين السعر الذي يحصل عليه مستخدمو الإنترنت. فتكلفة بطاقة سفر بالقطار من مدينة أثينا إلى مدينة سالونيك تبلغ قرابة 30 يورو من شباك التذاكر، لكن شراءها قبل وقت من طريق الإنترنت يكلف حوالى 11 يورو! كما أن شراء جهاز إلكتروني يصل إلى بيتك، من دون تكلفة توصيل، بسعر المتجر أو أقل قليلاً، يعتبر تجربة مريحة ومربحة معاً. بحثاً عن الأرخص عبر «فايسبوك» في هذا السياق، أوردت صحيفة «كاثيميريني» اليومية في بحث نشرته أخيراً، أن الأزمة الاقتصادية جعلت اليونانيين أقل اندفاعاً للتسوّق عموماً، وأكثر ميلاً نحو الاقتصاد الرقمي. ولاحظت أن 30 في المئة منهم عمد إلى التسوّق من طريق الشبكة العنكبوتية في عيدي الميلاد ورأس السنة الماضية، فيما بلغت النسبة عينها 27 في المئة بالسنبة إلى أوروبا عموماً. ويستفيد المستهلكون من التسوّق عبر الإنترنت. إذ تعطيهم مقارنات وآراء حول السلع المطلوبة، كما يستطيعون التسوق في أي ساعة يريدون، من دون ضغوط من الباعة، كذلك تستخدم الصفحات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي (خصوصاً فايسبوك) للنقاش في شأن السلع وأسعارها ومقارنتها. وفي الآونة الأخيرة، أصبحت الشبكة العنكبوتية ملاذاً لحركات شعبية تحاول التخفيف من أثر الأزمة عن المواطنين. فمثلاً، توفّر حركة «المنتجات الرخيصة» سوقاً بالصور عبر الشبكة العنكبوتية، بهدف نسج اتصال مباشر بين المستهلك والمنتج. وبعد التوافق على الكميات المطلوبة، يجرى التوصيل إلى مكان متفق عليه. وبهذه العملية، يجرى تجاوز الوسطاء الذين يتسببون عادة برفع الأسعار في شكل كبير. كما تنتشر في شكل ملحوظ موضة شبابية هي راديو الإنترنت Internet Radio، ربما بأثر من تكلفته المنخفضة. ويتيح هذا الراديو للتجمعات الشبابية المختلفة التعبير عن آرائها عبر استخدام الشبكة العنكبوتية. وتستفيد التجمعات الشعبية من الإنترنت في شكل كبير في نقل اجتماعاتها ومهرجاناتها لمؤيديها في المدن الأخرى، ممن قد يشق عليهم الحضور إما لضيق الوقت أو لارتفاع أسعار التنقلات. أما استخدام الإنترنت في القطاع الرسمي، فيببدو نسبياً أقل. إذ عرضت الحكومة إمكان أن يقدّم المواطن تصريحاً ضريبياً عن مدخوله السنوي عبر الإنترنت. وبوجه عام، لم تتوسّع الحكومة اليونانية في استعمال الشبكة العنكبوتية في الشكل الذي يرى في دول أوروبية مجاورة. ويكاد استخدام الهاتف المحمول يكون هوساً لدى فئتين من اليونانيين، هما المراهقون والشباب، وفئة الموسرين المولعين بكل جديد في هذا المجال. وأشار بحث ظهر في الإعلام المحلي، إلى أن كثيرين من اليونانيين يشترون هواتف محمولة غالية الثمن يستعملونها ساعات طويلة يومياً، على رغم الاقتصاد وأزمته المستفحلة. وفي العادة، يجمع المراهقون والشباب بين استخدام الهاتف المحمول والإنترنت معاً، وغالباًً ما يكون ذلك عبر الهواتف الحديثة التي تتيح استخدامات موسّعة للإنترنت المحمول. وتقول بحوث حديثة إن الأطفال في اليونان يستخدمون الإنترنت منذ السادسة بكل سهولة، كما يقتني تلامذة الابتدائية هواتف محمولة برضا الأهل الذين يعتقدون أن في ذلك حماية لأطفالهم من أخطار الاختطاف وغير ذلك. وتتابع البحوث أن المراهقين يتحدثون من 4 حتى 6 ساعات ويرسلون 100 حتى 200 رسالة نصّية هاتفية يومياً، ويستعملون الهاتف المحمول في الإبحار عن الإنترنت وتنزيل الأغاني والألعاب. ويعتبر 80 في المئة منهم أنهم لا يستخدمون الهاتف بإفراط، كما يعتبرونه من ضروريات الحياة، فيما لا يُحسِن 60 في المئة من الأهالي التعامل مع الحاسوب، ولا يستطيعون مراقبة المواد التي يطلع عليها أبناؤهم. ونظراً إلى المرحلة العمرية التي يمرّ بها المراهقون، تظهر تأثيرات التقنية عليهم في شكل واضح. فباتت اليونانية لديهم ممزوجة بالإنكليزية، بل يشار إليها ب «غريكليش» Greeklish.