وصفت الحكومة المغربية تصرف نائب إسلامي من حزب «العدالة والتنمية» قدم شكوى ضد السلطات إلى السفارة الفرنسية في الرباط بأنه «غير مبرر ومرفوض». وأصدر رئيس الوزراء عباس الفاس بياناً أوضح فيه أن تصرف النائب عبدالعزيز افتاتي العضو القيادي في «الحزب الإسلامي» «لا مسؤول ويمس الشعور الوطني الذي دأب الجميع على احترامه». ورأى البيان أن رسالة النائب تضمنت «ادعاءات» مستشار في بلدية وجدة يحمل الجنسية الفرنسية، بأنه تعرض لاعتداء من قوات الأمن خلال انتخاب عمدة المدينة. وخلص بيان رئاسة الوزراء الى أن تصرف النائب افتاتي «غير مقبول»، بخاصة أن الأمر يتعلق «بانتخابات وطنية لا تهم إلا الشعب المغربي». من جهته، أبلغ وزير الداخلية المغربي شكيب بمن موسى زعيم «العدالة والتنمية» عبدالإله بن كيران «تنديده القوي» بذلك التصرف، وبالتناقضات في حزبه إزاء الاحترام الواجب للمؤسسات الوطنية التي «يجب أن تبقى في منأى عن أي تدخل أجنبي». وأوضح بيان للداخلية صدر في أعقاب الاجتماع الذي حضره عبدالله باها نائب الأمين العام أن العمل السياسي «أمر داخلي» يجب أن يبقى مقتصراً على الأطراف المغربية و «لا يمكن تحت أي ذريعة قبول لجوء البعض الى جهات أجنبية لطلب الحماية». بيد أن زعيم «العدالة والتنمية» أصدر بدوره بياناً أقر فيه النائب افتاتي بأنه تدخل لدى السفارة الفرنسية في قضية المستشار بوبكر نور الدين حامل الجنسية الفرنسية «بمبادرة فردية»، وقدم استقالته من الحزب بسبب تداعيات القضية التي اعتبرها بن كيران «تتنافى» ومبادئ حزبه. إلا أنه أبدى أسفه حيال ذلك مقدراً شجاعة النائب افتاتي في تحمل تبعات هذا «التصرف»، فيما اعتُبرت الاستقالة تطوراً لافتاً في مسار هذا الحزب الإسلامي. ودخلت الخارجية المغربية بدورها على الخط، إذ اجتمع رئيس الديبلوماسية المغربية الطيب الفاس القوي الى سفير فرنسا في الرباط جون فرنسوا تيبو. وتداول الطرفان في تداعيات القضية التي اعتبرتها الخارجية المغربية «تصرفاً غير مقبول» على الصعيدين السياسي والأخلاقي، لافتة الى أن الجنسية الفرنسية التي يحملها المستشار بوبكر نور الدين «لا يمكنها أن تشكل حجة» لطلب حماية أجنبية. الى ذلك، استمر الجدال بين الداخلية و «العدالة والتنمية» حول الأجواء التي طبعت انتخاب عمدة مدينة وجدة على الحدود المشتركة مع الجزائر. وأعلن الحزب الإسلامي رفضه اتهامات وردت في بيان الداخلية حول اجتماع في البرلمان عرض وقائع تلك الانتخابات وعاب على الداخلية «الانزلاق الى موقع الخصم الحزبي بدل الحياد الإيجابي». وكان لافتاً أن القيادي في حزب «الاتحاد الاشتراكي» إدريس لشكر انضم الى «العدالة والتنمية»، موضحاً أن لا حق لوزارة الداخلية أو الحكومة في إصدار بيان للرأي العام رداً على مواقف حزب سياسي. وذهبت أوساط أخرى الى اعتبار التطورات جزءاً من معركة أكبر بين الإسلاميين والسلطة في سياق سجال بينهما انطلق بقوة على خلفية اقتراع 12 حزيران (يونيو) الماضي، وبخاصة في انتخابات رؤساء البلديات وعمداء المدن.