سلّطت مواجهات دامية اندلعت أمس حول المقر الموقت لرئاسة الحكومة الليبية في طرابلس بين حراس المقر ومجموعة من الثوار يطالبون بحصتهم من «مكافآت»، الضوء مجدداً على خطورة ظاهرة انتشار السلاح في البلاد مع اقتراب موعد انتخابات المؤتمر الوطني (المجلس التأسيسي) الشهر المقبل. ورغم أن المواجهات لم تحمل طابعاً سياسياً، إلا أنها زادت القلق من قدرة حكومة عبدالرحيم الكيب على تنظيم الانتخابات في موعدها. لكن مصدراً ديبلوماسياً غربياً بارزاً قلل ل «الحياة» من أهمية المواجهات المتكررة التي تحصل بين الثوار أنفسهم، وبينهم وبين الحكومة المركزية، قائلاً إن الأمور ما زالت تحت السيطرة ولا تؤثر في شكل كبير على جهود بناء الدولة. وأقر بوجود خلافات بين حكومة الكيب وبين المجلس الوطني الانتقالي، قائلاً إن كلاً من الطرفين يحمّل الآخر جزءاً من المسؤولية في عدم تحقيق انجازات ملموسة منذ سقوط نظام معمر القذافي ومقتله في تشرين الأول (اكتوير) العام الماضي. لكنه أضاف أن كلا الطرفين مضطر للتعاون مع الآخر لأنه لا يريد أن يتحمّل مسؤولية عدم تحقيق الوعد الذي قطعه الحكّام الجدد للشعب في شأن تنظيم الانتخابات في حزيران (يونيو) المقبل، ولذلك فإنه يتوقع، كما قال، إجراء الانتخابات في موعدها (النصف الثاني من حزيران) أو تأخيرها لفترة وجيزة جداً، إذا كان ذلك ضرورياً. واعادت اشتباكات أمس في طرابلس طرح التساؤل عن إمكان تحقيق ذلك فعلاً في ظل ظاهرة انتشار السلاح في ايدي مئات الثوار في أنحاء البلاد، بما في ذلك طرابلس المقسّمة بين فصائل مختلفة. وقال مراسل ل «رويترز» إن المعركة بالأسلحة النارية دارت قرب مجمّع رئيس الوزراء، في حين أوضح ناطق باسم وزارة الدفاع أنها أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى. وأفيد بأن الكيب لم يكن موجوداً في المجمع. وقال شهود إن المهاجمين ينتمون إلى ميليشيا مسلحة من بلدة يفرن التي تبعد نحو 100 كيلومتر، جنوب غربي طرابلس، والتي يقطنها الأمازيغ. ونقلت «فرانس برس» عن مسؤول في وزارة الداخلية قوله: «قُتل ما بين اثنين وأربعة حراس ووقع عدد من الجرحى». ونقلت مواقع ليبية على الانترنت أن أحد القتلى في المواجهات شاب يدعى علي القعود وانه قضى بعيار ناري في الرأس. وهو من المنتسبين الى «كتيبة ثوار طرابلس». وأكد شقيق العقود مقتله لوكالة «أسوشييتد برس». وهاجم عشرات الثوار السابقين مقر الحكومة للمطالبة بحصتهم من المكافآت التي توزع على الثوار الذين قاتلوا النظام السابق، بحسب ما أفاد مسؤول حكومي. وقال هذا المسؤول الذي كان موجوداً في مقر الحكومة: «عدد كبير من المسلحين يطوقون المبنى. اطلقوا النار عليه باسلحتهم وبينها مدافع مضادة للطائرات». وأضاف: «تمكنت مجموعة من دخول المبنى وحصل فيه اطلاق للنار». وقلل الناطق باسم الحكومة ناصر المانع من خطورة الحادث، مؤكداً أن ثواراً سابقين قدموا الى مقر الحكومة للاحتجاج في «شأن المكافآت». وأضاف: «يعقدون الآن اجتماعاً مع وزير الدفاع لايجاد حل». وبدأت الحكومة قبل اشهر دفع مكافآت للثوار الذين شاركوا في المعارك ضد قوات القذافي، ثم علقتها بعد اسابيع بسبب حصول «مخالفات»، مما أثار غضب عدد كبير من الثوار الذين لم يحصلوا على حصصهم.