كييف، برلينواشنطن – أ ف ب، رويترز - سعت موسكو إلى التقليل من أهمية العقوبات الأميركية والأوروبية الجديدة ضدها بسبب أزمة أوكرانيا، على رغم أنها الأقسى منذ عهود «الحرب الباردة». وأطلقت حملة واسعة لحشد تأييد داخلي لتدابير «مواجهة محاولات إذلال روسيا» تزامنت مع نشر مركز «ليفادا» المستقل استطلاعاً للرأي أفاد بأن غالبية الروس غير قلقين من العقوبات التي «لا تعني إلا النخبة السياسية المسؤولة عن اتخاذ قرارات»، مع تأكيد معارضتهم تبني عقوبات مضادة تستهدف بروكسيلوواشنطن «إذ من الضروري مواصلة التعاون مع الغرب». (للمزيد) وفيما منعت المعارك المحتدمة بين الجيش الأوكراني والانفصاليين الموالين لروسيا في الشرق لليوم الرابع، وصول المحققين الدوليين الى موقع الطائرة الماليزية التي تحطمت شرق أوكرانيا في 17 الشهر الجاري وعلى متنها 298 شخصاً، استغربت موسكو اتهام الرئيس الأميركي باراك أوباما إياها بعدم التعاون مع المحققين، وقالت: «تلميحات أوباما حول هذا الأمر تثير الحيرة». وبعد تأخر جزئي في الرد، أفادت وزارة الخارجية الروسية في بيان بأن «عقوبات الاتحاد الأوروبي خطوة غير مدروسة وغير مسؤولة وسترفع حتماً أسعار الطاقة في القارة»، متهماً الاتحاد بانتهاج «سياسة تمليها واشنطن، ما يدل على عجزه عن الاضطلاع بدور مستقل في الشؤون الدولية». وكان وزير الاقتصاد الألماني زيغمار غابرييل قال إن «العقوبات الجديدة على روسيا قد تضر باقتصاد ألمانيا، لكن السلام أهم»، أما رئيس الوزراء التشيخي بوهوسلاف سوبوتكا، فقال: «ليس من مصلحة الاتحاد الأوروبي أو روسيا الانخراط في حرب تجارية طويلة، ولا ظهور شكل جديد من الستار الحديد الاقتصادي والسياسي على الحدود الشرقيةلأوكرانيا». وعارضت براغ سابقاً فرض عقوبات شاملة على موسكو، وتتخوف على العلاقات التجارية مع روسيا، التي لا تزال شريكاً تجارياً مهما مع بلدان عدة في وسط أوروبا. الى ذلك، وصف بيان الخارجية الروسية عقوبات الولاياتالمتحدة بأنها «غير شرعية، وتعكس سياستها المدمرة والقصيرة النظر، ما سيترك عواقب ملموسة جداً عليها». واتهم البيان واشنطن بمحاولة «التملص من مسؤولياتها في التطور المأسوي للوضع في أوكرانيا»، والرغبة في «معاقبة موسكو بسبب سياستها المستقلة التي تقلق الولاياتالمتحدة». ولم يمنع ذلك معلقين من الإشارة إلى «تزايد قلق النخب في روسيا من نجاح واشنطن في حشد تأييد أوروبي واسع لإجراءات أكثر حزماً ضد موسكو التي عملت على توسيع الشرخ بين الموقفين الأميركي والأوروبي، عبر التعامل بقوة مع إجراءات الولاياتالمتحدة، في مقابل تجنب تصعيد الموقف مع الاتحاد الأوروبي». وكان أوباما قال إن «العقوبات سيكون لها تأثير على الاقتصاد الروسي أكبر مما نراه الآن»، علماً بأن مؤسسة الاستثمار «في تي بي» توقعت تأثر الاقتصاد الشمولي لروسيا بالعقوبات المفروضة على القطاع المالي، في ظل تزايد الخطر على النمو والضغوط التي تؤدي إلى تراجع قيمة عملة الروبل». وأكد المصرف المركزي الروسي أنه «سيتخذ كل الإجراءات، عند الحاجة، لدعم المصارف التي تمسها العقوبات وزبائنها ودائنيها»، علماً بأن واشنطن أدرجت ثلاثة مصارف روسية على اللائحة السوداء، فيما منع الاتحاد الأوروبي المستثمرين من شراء أسهم من المصارف الحكومية الروسية. وأعلنت شركة «توتال» الفرنسية للنفط أنها توقفت عن شراء أسهم في شركة «نوفاتيك» الروسية يوم إسقاط الطائرة الماليزية شرق أوكرانيا. وتوقعت مجلة «فيدوموستي» الاقتصادية «فشل العقوبات أو ظهور تأثيرها على المدى الطويل»، مشيرة إلى أن «العقوبات الأميركية ضد كوبا عام 1960 لم تضعف نظام كاسترو»، فيما أبرزت صحف أخرى قضية ضم روسيا شبه جزيرة القرم جنوبأوكرانيا في آذار (مارس) الماضي، باعتبارها «إنجازاً تاريخياً أغضب الغرب الساعي الى تدمير الإنجازات الحديثة لروسيا».