من قضية إعلامية إلى صراع سياسي، انتقل الجدل الدائر حول خطة إصلاح الإعلام الرسمي إلى مربع التوتر السياسي. وكسر رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بن كيران جدار الصمت، مؤكداً عزم حزبه «العدالة والتنمية» المضي قدماً في مشاريع الإصلاح على رغم أنواع العراقيل التي تواجهها. وقال بهذا الصدد: «أصبحنا نعرف اليوم القلاع المتحكمة» التي تجر البلاد إلى الوراء. واستدل على ذلك بالقول: «عندما نقوم بإصلاحات بسيطة نرى طريقه تحريك عدد من مخلوقات الله لمواجهتنا». وفُهم كلام رئيس الحكومة أمام اجتماع حزبي لدرس قضايا تنظيمية استعداداً لمؤتمر الحزب الإسلامي في صيف العام الجاري، أنه «رسالة صريحة» رداً على ما يصفه مراقبون ب «تمرد» مسؤولين في القنوات التلفزيونية على سلطة وزير الإعلام مصطفى الخلفي. وعزا بن كيران ردود الأفعال على خطط حكومته إلى أن «أصحاب المصالح حريصون على ألا يتغير شيء في المغرب». لكنه شدد على أن حزبه دخل معركة صعبة وعليه أن يستمر في المواجهة، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن المعركة كانت واضحة المعالم عندما كان حزبه في المعارضة لأن الخصوم كانوا معروفين، أما اليوم فإنهم «يحرّكون أشخاصاً لا صلاحيات لهم للتدخل في السياسة». وعرض الأمين العام ل «العدالة والتنمية» إلى طبيعة المرحلة، مؤكداً أن «الربيع العربي لم ينته» و «علينا فعل ما يلزم حتى نطمئن في المستقبل». وقال إن الملكية نفسها تحتاج اليوم إلى المواطنين الساعين إلى الإصلاح والتطمين وليس إلى حزبه فقط، موضحاً أن «الملوك لا يكونون دائماً محاطين بالأشخاص اللازمين، بل يكونون أحياناً من الخصوم»، في إشارة دالة على تجارب عاشتها البلاد خلال فترة حكم الملك الراحل الحسن الثاني. واسترعت هذه الإشارة انتباه مراقبين، بخاصة وأن أعتى خصوم الحسن الثاني الذين دبّروا محاولات انقلابية فاشلة ضده كانوا من أشد المقربين الذين لا ترتقي إليهم الشكوك، كما في حال الجنرالين محمد المذبوح كبير الضباط المرافقين للملك ومحمد أوفقير وزير الداخلية والدفاع والرجل المتنفذ في سبعينات القرن الماضي.