حظي المخترعون السعوديون المشاركون في معرض جنيف الدولي للاختراعات - ضمن وفد مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة) - باهتمام كبير من الشركات العالمية، وبدأت المفاوضات معهم لتصنيع وتسويق ابتكاراتهم تجارياً في أسواق العالم. هكذا نُشِر الخبر أمس، وفيه أن شركات عدة أبدت اهتمامها باختراع للدكتور حامد القحطاني المتمثل في جهاز لاصطياد ذبابة الرمل التي تسبب أمراضاً جلدية كالليشمنيا التي يستغرق علاجها عامين بالحقن بعد ثلاث سنوات من التجارب في جامعة الملك خالد، ويمتاز الاختراع بأنه مصنوع من مواد أقل كلفة من مصابيح «الفلورسنت» وليس له أضرار على البيئة أو على صحة الإنسان. الاختراع الثاني للدكتورة مها محمد خياط لفت انتباه الزوار والشركات، ويتمثل في قدرة التحكم في أسلاك السيليكون النانوية المتناهية الصغر (وهي أصغر 50 ألف مرة من سمك شعر الإنسان)، وتبرز أهمية الاختراع في استخدامه في تصنيع الخلايا الشمسية وتطوير ميكروسكوبات القوة الذرية بحيث تكون قوتها في الفصل عالية. أما الدكتور عبدالرحمن عبدالهادي السلطان فقد اكتشف «جين» يمكن من خلاله تمييز مرضى السكري المعرضين للإصابة بميكروب متعدد المقاومة، وهو الميكروب الذي يعد سابع أسباب الوفيات في العالم وثالث سبب للإصابة بالسبتيسيميا. وأخيراً اهتمت المنظمات العاملة في مجال الإغاثة والإنقاذ باختراع ثامر العجمي المتمثل في خيمة إيواء يمكن بناؤها في دقيقة واحدة وتفيد في سرعة الإنجاز في حالات الكوارث الطبيعية. هذه هي الأخبار المبهجة، مبهجة علمياً بالطبع، لكنها محبطة من الجانب الآخر، إذ إن الشركات العالمية تبدي الاهتمام، وتقطف ثمرة عقول أبنائنا بتحويلها إلى منتج يتم بيعه وتسويقه في العالم، وسنستورده قريباً. عندما تستثمر الدول في الإنسان تصل إلى مثل هذه النتائج العلمية، لكن هذا الاستثمار يجب ألا ينقطع، فلو حرصت الشركات السعودية على هذه الاختراعات وقامت هي بتصنيعها وتسويقها لتحقق المنجز الاقتصادي، وهو هنا منجز اقتصادي يرتكز على براءة اختراع مملوكة فكرياً لأبنائنا، ثم على تصنيع يتم محلياً، حتى لو اضطررنا إلى استيراد تقنيات الإنتاج، ثم توطينها كما نسمع عند إنشاء أي مصنع جديد. ولأن شركاتنا ستبحث عن فرص أسهل، وربما أقرب إلى التجارة منها إلى التصنيع، فالمأمول أن تتبنى «موهبة»، أو الجامعات، أو أية جهة أخرى إنشاء شركات ترتكز منتجاتها على الاختراعات السعودية الطبية والعلمية تحديداً. هذه المنتجات هي التي ستصل بنا إلى تنويع مصادر الدخل، وسترفع وتيرة التنافس إذا حقق المخترعون إضافة إلى المجد العلمي والحصول على الدروع التكريمية مكاسب مادية تحفزهم على اختراعات أخرى، وتجعل المنافسة الشريفة تشعل الساحة العلمية السعودية. أخيراً أتمنى أن يقدم المستشارون الماليون أو خبراء الصناعة مشورتهم لهؤلاء المخترعين الذين أتوقع أن مهاراتهم التفاوضية المالية ليست بمستوى مواهبهم العلمية. [email protected] mohamdalyami@