أخلت الولاياتالمتحدة أمس، الموظفين العاملين في سفارتها في طرابلس بسبب القتال العنيف الدائر هناك، حيث كانوا يواجهون «خطراً فعلياً». ودعا بيان أصدرته وزارة الخارجية الأميركية كل الأميركيين الى مغادرة هذا البلد «فوراً». وعلى رغم أن السفارة كانت تعمل بعدد محدود من الموظفين، فقد غادر الفريق المتبقي أمس، وفي مقدمه السفيرة آن باترسون براً الى تونس في عملية تمت بمساندة الجيش الأميركي. من جهة أخرى، أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمام الصحافيين في باريس أن عملية الإخلاء تمّت بسبب «عنف المليشيات المتصاعد في طرابلس». وأضاف أن «الكثير من العنف يجري في محيط سفارتنا وليس في السفارة نفسها، إلا أنه ورغم ذلك فإن العنف يمثل خطراً حقيقياً جداً على موظفينا». وأكد كيري أن الولاياتالمتحدة «علقت» عمليات سفارتها في طرابلس، ولكنها لم تغلق السفارة، متعهداً بأن تستمر واشنطن في تركيزها على حل مشاكل ليبيا. وأضاف: «سنعود فور أن يسمح لنا الوضع الأمني بذلك. ولكن نظراً للوضع، نريد أن نتخذ كل إجراء احترازي ممكن لحماية موظفينا». وقال كيري: «ندعو جميع الليبيين إلى الدخول في عملية سياسية والعمل معاً لتجنب العنف. فقد قُتل العديد من الناس وبُذلت جهود كبيرة لولادة ليبيا الجديدة». من جانب آخر، قال الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الأميرال جون كيربي إن «موظفي السفارة نُقلوا في سيارات إلى تونس» في عملية استغرقت خمس ساعات وجرت بهدوء وسط مراقبة جوية من قبل طائرات «أف-16» وبدعم من القوات المجوقلة الأميركية. وتم إجلاء عناصر الأمن من مشاة البحرية الأميركية (مارينز) أيضاً من السفارة. وقاموا بحراسة الموكب لكن لم يتسن لمسؤولين أميركيين تأكيد عدد الأشخاص الذين غادروا ليبيا لأسباب أمنية. وقال وكيل وزارة الخارجية الليبي سعيد الأسود ل «الحياة» إن «السلطات الليبية تبلّغت بالقرار الأميركي في اليوم ذاته الذي غادر فيه الديبلوماسيون الأميركيون سفارتهم في طرابلس لأن مبناها كان في مرمى صواريخ غراد وغيرها». وأبلغ مصدر من الخارجية الليبية «الحياة»، أن «الوزارة لا تزال مقفلة منذ تعرضها للاعتداء من مسلحين قبل نحو شهر، ولا تزاول أعمالها». وذكر شاهد يقطن قرب السفارة الأميركية في منطقة سيدي سليم الواقعة بين مطار طرابلس الدولي ووسط العاصمة، أن «رتلاً من 16 سيارة (هيئة سياسية) مرَّت من شارع سيدي سليم، الرابط بين مقر السفارة وكوبري الفروسية تجاه طريق المطار فيما توقفت شبكة الإنترنت، وحلّق الطيران الحربي فوق الرتل، ثم تبعه رتل آخر مكوَّن من 8 سيارات وبعده بفترة رتل ثالث ترافقه سيارة شاحنة ضخمة تحمل حاوية كبيرة جدًّا وبعدها بفترة رتل رابع». يُذكر أن كلاً من مالطا وتركيا قررتا إغلاق سفارتيهما في ليبيا على خلفية الأوضاع الأمنية المتردية هناك. وكانت الولاياتالمتحدة انضمت إلى الحملة العسكرية التي شنتها فرنسا وبريطانيا في عام 2011 للإطاحة بالزعيم الليبي السابق معمر القذافي. ولا يزال مطار طرابلس الدولي مغلقاً منذ بدء المعارك في 13 تموز (يوليو)، التي خلفت 47 قتيلاً و120 جريحاً. واندلعت هذه المواجهات الأعنف في طرابلس منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في 2011، بعد هجوم لمجموعة مسلحة إسلامية من مدينة مصراتة (200 كلم شرق العاصمة) حاولت طرد مجموعة مسلحة من الزنتان من المطار.