اتهم المجلس الأعلى للحسابات في المغرب، شركات دولية عاملة فيه بتصدير أموال إلى دولها الأم بالتحايل على القانون، ما أضرّ بالمصالح المالية للرباط. وتتجاوز هذه المبالغ قيمة الأرباح المصرّح عنها ويسمح القانون بتحويلها. ولفت تقرير للمجلس إلى شركات تعمل في قطاع الاتصالات وتأمين خدمات الماء والكهرباء في عدد من المدن المغربية، «هربت إلى الخارج مبالغ بقيمة 32 بليون درهم (أربعة بلايين دولار) بين الأعوام 2005 و2009». وكانت هذه الشركات حصلت على عقود عملها في المغرب في إطار قانون «التفويض المدبر» أو برامج التخصيص التي سمحت بدخول مساهمات فرنسية أساساً في رؤوس أموال شركات عامة مغربية تعمل في قطاعات تقنية وخدمية. وانتقد المجلس، «دور مكتب الصرف المشرف على التجارة الخارجية والقطع الأجنبي، بسبب التساهل في الاختلال والاختلاسات التي قامت بها شركات دولية». وأشار التقرير إلى شركة «تعمل في مجال التدبير المفوض للخدمات البلدية حولت من دون سند قانوني مبلغ 88.3 مليون درهم، وطبقت عليها غرامة بقيمة 4.5 مليون درهم فقط». واعتبر التقرير الذي تحدث عن تجاوزات مالية في عدد من المؤسسات العامة والشركات الدولية المتعامل معها، أن هذه الممارسات «تلحق أضراراً بمصالح المغرب الاقتصادية والمالية بسبب سوء الحوكمة وضعف المراقبة». وكشف عن «سوء تدبير في عدد من الشركات العمومية المغربية، منها شركات النقل الجوي التي سيبلغ عجزها 3 بلايين دولار هذه السنة، والمكتب الوطني للماء والكهرباء، وشركة الإذاعة والتلفزيون وصندوق الضمان الاجتماعي ومكتب التسويق والتصدير وصندوق التجهيز الجماعي، وغيرها من المؤسسات... التي انتقدها تقرير المجلس الذي رفعه رئيسه أحمد الميداوي إلى رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران، لعرضه على القضاء في حال التأكد من الخروق». وفجر التقرير خلافات سياسية بين الغالبية والمعارضة حول المسؤولية عن الفضائح المالية التي تورط فيها مسؤولون محسوبون على هذا التيار أو ذاك. واعتبر محللون أن تورط شركات فرنسية في فضائح مالية مغربية يزيد عدد المعارضين لإسناد مشاريع وعقود عمل إلى شركات مقيمة في باريس أو ليون، مثل «ريضال» و «ليديك» التي تدير خدمات ماء وكهرباء. وكانت شركات خاصة مثل مجموعة «أونا» أنهت عقودها مع شركات فرنسية بسبب تحايل على القانون المحلي في تحويل الأموال لحساب مجموعاتها الأم، ويتعلق الأمر بشركة «أكسا» للتأمين، ومجموعة «أوشان» للتسويق، وبمصارف تجارية أخرى. ورأى محللون، أن نشر تقرير المجلس الأعلى للحسابات «يعزز فرص الشركات الأميركية والألمانية والإسبانية والعربية، للحصول على مزيد من فرص العمل في المشاريع المغربية على حساب الشركات الفرنسية.