الدول العربية كافة، كما يعرف كل قارئ، غير ديموقراطية، وهي من دون حقوق إنسان أو حرية كلام كاملة غير منقوصة ضمن نطاق القانون، وتفتقر الى قضاء مستقل ومحاسبة وشفافية وحقوق المرأة. هذا الرأي سجلته في هذه الزاوية مرة بعد مرة، وأسجله اليوم احتجاجاً على بعض القراء الذين يكتبون لي زاعمين أنني أدافع عن هذا البلد العربي أو ذاك، وهذا الفصيل أو تلك المنظمة. ليس من عملي أن أدافع عن أي بلد عربي، والدول العربية مع ما بدأت به يصعب الدفاع عنها، وما أفعل هو أن أهاجم الطرف الآخر، وأكشف زيفه وليكوديته وكرهه العرب والمسلمين. وهكذا فعندي ملاحظات كثيرة على أداء حزب الله في لبنان، من نوع «عراضة» 7 أيار (مايو)، إلا أنني مع حزب الله ضد إسرائيل دائماً وأبداً. وعندي ملاحظات مماثلة على حماس، من انفصالها في قطاع غزة حتى دورها في مفاوضات الوحدة الوطنية في القاهرة، إلا أنني مع حماس ضد إسرائيل حتى تقوم دولة فلسطينية مستقلة، أو تقوم الساعة. من ناحية أخرى هاجمت إدارة بوش والمحافظين الجدد والليكوديين ولوبي إسرائيل فسمعت مرة أنني أدافع عن مصر، ومرة أنني أدافع عن المملكة العربية السعودية أو سورية أو الأردن (عصابة الشر تحاول الترويج لفكرة وطن بديل للفلسطينيين في الأردن وهي مرفوضة نهائياً). عندما أهاجم الطرف الآخر أذكُر أن مصر أكبر بلد عربي، وأذكّر القارئ بالفرق بين حكومة مصر والدولة المصرية التي يقوم العرب كلهم معها إذا قامت ويسقطون إذا سقطت. وأقرأ حملات على المملكة العربية السعودية وأسجل أن المبادرة العربية هي اصلاً مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز عندما كان ولياً للعهد، وأن حل الدولتين هو موقف أميركا في رسالة من جورج بوش الابن الى ولي العهد في حينه بعد أن هدده بمقاطعة الولاياتالمتحدة. بكلام آخر، عملية السلام التي يُجرى التفاوض عليها اليوم هي من صنع ملك السعودية، وهذه معلومات موثقة لا رأي، وما سبق هو أيضاً موقفي من سورية في وجه إسرائيل وأنصارها الأميركيين، فالحرب عليها لم تهدأ أو تتوقف يوماً، وأنا مع سورية ضد إسرائيل من دون سؤال عن التفاصيل، فالموضوع محسوم عندي. وكنت سجلت حملة من عصابة إسرائيل على السعودية وقلت إنه لا بد من أن الحكومة السعودية تفعل شيئاً أثار غيظ العصابة، وعندي اليوم مثلان جديدان من الأسبوع الأول في هذا الشهر فقط: - صحيفة «الصنداي تايمز» اللندنية نشرت خبراً عنوانه «السعوديون يُومِئون (بالقبول) لغارة إسرائيلية على إيران» كتبه أوزي ماهايمي من تل أبيب، وسارة باكستر مراسلة الجريدة في واشنطن. الخبر كاذب ومن نوع الإعلام الأسود، ومهايمي إسرائيلي مصادره عادة الاستخبارات الإسرائيلية، فهو قد ينقل فعلاً ما سمع منها، إلا أن عمل الاستخبارات أن تكذب وتتآمر وتزور. الخبر يقول إن رئيس الموساد مائير داغان قابل في وقت سابق من هذه السنة مسؤولين سعوديين، وإن السعوديين وافقوا ضمناً على مرور الطائرات الإسرائيلية في الأجواء السعودية لضرب إيران. لا أعرف من أين أبدأ، وأين أنتهي، فمائير داغان مجرم حرب وشريك آرييل شارون في السبعينات، وهو متهم بقتل أسرى فلسطينيين بيديه، وفي الأيام الأخيرة نشرت الصحف الإسرائيلية عن استقالات في الموساد احتجاجاً عليه... يعني أن المجرمين أنفسهم لم يتحملوا طبيعته النجسة. عندي رد واضح على هذا الدجل، وموثق، فالحكومة السعودية بعد انفجار الخبر رفضت إطلاقاً أن تشارك الولاياتالمتحدة في التحقيق، بل رفضت أن تسلمها نتائج التحقيق، حتى لا تعطي أي إدارة في واشنطن عذراً لتوجيه ضربة لإيران كعقاب. والآن هناك خبر يقول إن السعودية ستشارك إسرائيل في عمل ضد إيران، وهي أحبطت خطة محتملة ضد إيران من الولاياتالمتحدة لا إسرائيل. وشاهدي هو الأمير نايف بن عبدالعزيز، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية. - المواقع الليكودية لا تزال تهاجم السعودية في موضوع مطالبة ضحايا إرهاب 11/9/2001 بتعويضات منها. وأمامي خبر بعنوان «نمط الخداع السعودي» من الذين اخترعوا الخداع. وشاهدي هذه المرة هو الأمير تركي الفيصل عندما كان رئيساً للمخابرات السعودية، فالقاعدة خلفيتها في المجاهدين ضد الاحتلال السوفياتي لأفغانستان، وطالبان من اختراع المخابرات العسكرية الباكستانية التي أقنعت الأميركيين بهم قبل أن يصلوا الى السعوديين، وقد كتبت هذا الكلام قبل كل الأحداث اللاحقة، ما يثبت أنه لم يكن مدفوعاً بها. كل ما أقول إنه يبدو أن الحكومة السعودية لا تزال تفعل ما يغيظ عصابة الشر، وأرجو أن تستمر في فعله، مع اعترافي بأنني لا أعرف ما هو.