قال البطريرك الماروني بشارة الراعي إن «نواب الأمة يطعنون مرة أخرى، كرامة رئاسة الجمهورية والشعب اللبناني ولبنان، بعدم اكتمال النصاب والإحجام عن انتخاب رئيس، خصوصاً بعد مرور أربعة أشهر، من دون أن يتمكنوا من اتخاذ أي مبادرة إيجابية، أو أي مبادرة عملية إنقاذية شجاعة من الفريقين المتنازعين 14 و8 آذار ومن الفريق الوسطي، لا على صعيد المرشحين، ولا على صعيد طرح للحلول». وسأل في العشاء السنوي للجنة الكاثوليكية لوسائل الإعلام: «أإلى هذا الحد هم مكبلون في قراراتهم وآرائهم وحرياتهم، ومرتهنون لمصالح شخصية أو فئوية من الداخل، ولارتباطات مؤسفة مع الخارج؟ ألا يرون انهيار المؤسسات الدستورية؟ ألا يدركون الأخطار الاقتصادية والاجتماعية والأمنية؟ ألا يسمعون أنين الشعب وصراخ الموظفين، والمعلمين والطلاب وأساتذة الجامعة اللبنانية، وسواهم من المواطنين المقهورين والفقراء؟ هل يقدرون ثقل المليون ونصف المليون من النازحين السوريين على الأرض اللبنانية، وما يشكلون من أعباء وأخطار ديموغرافية واقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية وأمنية؟». وطالب الراعي، رئيس المجلس النيابي (نبيه بري) ونواب الأمة «بالتزام الدستور الذي يوجب على المجلس أن ينتخب فوراً رئيساً للجمهورية، أي أن يلتئم يومياً لهذه الغاية ولا يكون إلا هيئة انتخابية لا اشتراعية. وكم يؤسفنا أن يكون نصاب الثلثين الذي لا يفرضه الدستور، بل توافق عليه اللبنانيون قد تحول عن غايته، فأصبح وسيلة لتعطيل الانتخاب وحرمان الدولة من رأسها، وهذا ما يشل البلاد ويقوض أوصالها ويحطم آمال الشعب. ونتساءل أي قيمة تبقى لنصاب الثلثين؟ وهل النصاب هو بعد في خدمة رئاسة الجمهورية، أم جعلها رهينة له». وقال الراعي: «البطريركية تتمسك بخريطة الطريق التي رسمتها في المذكرة الوطنية، والتي حيتها جميع القوى السياسية والمجتمع المدني. ونردد على مسامع الجميع أن البطريركية تريد رئيساً غنياً بشخصيته وأخلاقيته وتجرده وتاريخه، رئيساً قادراً على تحمل مسؤوليات الظرف الحاضر، ويكون على مستوى التحديات الداخلية والإقليمية والدولية. مثل هذا الرئيس يأتي فقط بنتيجة عمليات الاقتراع اليومية والتشاور بين الكتل النيابية. والرئيس الذي ينتخب بهذه الطريقة، وبها فقط، يكون الرئيس الأفضل والأنسب والمنشود». وفي الملف العراقي توجه الراعي إلى داعش بالقول: «واحدة فقط تجمعنا بكم هي إنسانية الإنسان. تعالوا نتحاور ونتفاهم على هذا الأساس. فلا قيم الدين تجمع بيننا وأنتم تنقضون جوهر الإسلام وتعليمه، ولا فن السياسة الشريف، فأنتم تعتمدون لغة السلاح والإرهاب والعنف والنفوذ، أما نحن فلغة الحوار والتفاهم واحترام الآخر المختلف». وأعلن الراعي أيضاً تضامنه مع الفلسطينيين «وندعم مطالبهم المحقة، مطالبين منظمة الأمم والشرعية الدولية، بعودة اللاجئين إلى أراضيهم الأصلية، وبإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس، وفقاً لمبدأ الدولتين، وبإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الأراضيَ الفلسطينية والعربية الأخرى، وكل أنواع التمييز العنصري، وبإقرار نظام خاص للقدس، المدينة المقدسة للديانات الثلاث: اليهودية والمسيحية والإسلام. على هذا الأساس يرتكز كل حل سياسي». وقال: «في فلسطين، تؤلمنا جداً آلام الشعب الفلسطيني العزيز في غزة التي تضرب وتقتل من دون أي شفقة. ونقول للإخوة الفلسطينيين: ولئن كانت مقاومتكم لشرّ الاحتلال والظلم بكل أشكاله حقاً مشروعاً لكم وواجباً عليكم، فإننا ندعوكم إلى شد أواصر وحدتكم الداخلية، لأن الانقسامات إضعاف لكم وسبب لمزيد من المعاناة». ودعا الراعي إلى «إنهاء الحرب العبثية في سورية. فمن واجب الإخوة السوريين، نظاماً ومعارضة، حل مشاكلهم بالطرق السلمية، بموآزرة الأسرة الدولية والدول الصديقة».