كيف تعزز الوطنية؟ كيف نغرس الاعتزاز بالانتماء للوطن، وأرضه، وقيمه، وتراثه؟... أسئلة جديرة بالطرح ونحن ننظر من خلال ثقب بوابة «الحوار الوطني»، ورؤيته الشمولية للوطن وحاجاته الأمنية والفكرية، فالتعزيز عملية مصاحبة لعملية الغرس والبناء والتشييد، تحتاج إلى فهم وتخطيط وتفعيل، في كل مكان، في المؤسسات التعليمية وغير التعليمية. من السهل أن نضع منهجاً وطنياً بين دفتي مقرر دراسي، ونعممه، أو نوصي بتدريسه، سهل جداً، ولكن ليس من السهل تفعيله وتعزيزه، لأن التعزيز الإيجابي السليم يبدأ بالإيمان والرؤية والقناعة، ويعتمد على أساليب التفعيل، وهذا ما ينبغي أن يعيه التربويون في مدارسنا: الوطنية والمواطنة تعتمد على أيدٍ أمينة تتسلم زمام قيادة الرؤية وإدارة دفتها وتفعيلها. إن العملية التربوية والتعليمية تعتمد في مجملها على «القدوة» وهذه أبرز أساليب التعزيز وأهمها، المعلم قدوة لطلابه، ومتى انطلق في عمله من خلال إحساسه الوطني نجح وحقق الكثير للوطن وأبنائه. زرع الروح الوطنية وتعزيزها عبر مفردات المقرر لا يكفي، ولا يجدي، فبذور التربية الوطنية تحتاج لسقيا مستمرة عبر الكلمة والتوجيه والسلوك، ومن ثم يأتي توظيف البيئة المدرسية بمحتوياتها لتحقيق مكتسبات ومخرجات وطنية نتطلع إليها، يمكننا أن نربي النشء على حب الوطن والفخر بالانتماء إليه، والاعتزاز بتاريخنا، بالكلمة والنظرة والفعل والإشارة والايماءة، يخلق الإحساس الناقد والمميز الذي يعرف معنى الوطن، ومعنى الأرض، ومعنى الانتماء. توظيف الإذاعة المدرسية، الأنشطة الصيفية واللا صيفية، مفردات المهارات الإنشائية والعناية بانتقاء التطبيقات والواجبات التي تتلمس وتدعم جوانب وطنية، خطوات إيجابية داعمة من شأنها أن تضع الطالب في مساحة واسعة، متنوعة، وملونة بألوان خضراء وطنية. التعاون التنفيذي بين القيادة التربوية والتنفيذية في المدرسة ضروري جداً في القضاء على أي قصور يمكن أن يطرأ في مجال التعزيز الوطني، وذلك من خلال المواكبة لفعاليات الوطن وأحداثه وحاجاته في الأنشطة المدرسية المختلفة التي يساعد فهم مراميها في تحقيق مكاسب أخرى تنمي قدرات الطالب الأدبية والمسرحية والإعلامية، فتوظيف المسرح المدرسي له أبعاده العملية في خلق روح الانتماء للوطن، وتعميق الهوية الوطنية بجذورها وأغصانها وفروعها الممتدة إلى أنحاء عدة، وتحصيل ثمار وطنية واجتماعية شهية. ربط البيئة المدرسية بالبيئة الأم: الاجتماعية والوطنية من مسلمات العمل التربوي، يتأتى في انتقاء البرامج التربوية الجادة وتعميمه، وتشجيعها وتعزيزها على أن تصاحب بتخطيط مجدٍ مثمر، يرتكز على إثراء الروح الحماسية للوطن والدافعية للنهوض به وبتراثه وقيمه وجذوره، على فهم مقنع لمعنى الوطن، ومعنى الأرض، ومعنى الهوية والانتماء. على تعميق روح الإحساس بعظمة تاريخ الوطن وتفرده، وأمجاده، ومعطياته، وخبراته، ليس في تدريس مادة «الوطنية» فقط، وإنما في جميع أنواع التعامل مع المناهج والمقررات ومعطيات البيئة المدرسية. أخيراً: تعزيز الوطنية رؤية ورسالة، تبنيها يعني الغوص في أعماق التاريخ ولمس جذوره الصلبة، ومن ثم بناء هياكل قوية للعمل التربوي والبناء الذي يوظف كل مكونات المناخ المدرسي ويطوعه لهذا الهدف. * المشرفة العامة لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني في منطقة مكة