أصبحت «الكارثة» من الكلمات الأكثر استخداماً لدى الحديث عن أهالي اليرموك المحاصرين منذ أكثر من عام كامل، فقد أمست حياة ما يقارب 22 ألفاً من المدنيين الأبرياء غارقة فيها على اختلاف انواعها أو على الأقل مهددة بها، أبشعها كانت كارثة الموت جوعاً والتي أودت بحياة 150 مدنياً نتيجة مرض اليرقان والناتج بدوره عن انعدام المصادر الغذائية بسبب الحصار الخانق الذي فرضته قوات النظام على اليرموك منذ شهر رمضان العام الفائت، وهذه الكارثة انحسرت تدريجياً مع البدء بتوزيع المساعدات الغذائية على الاهالي. واليوم تسود بين الأهالي المحاصرين مخاوف الوقوع في كارثة من نوع جديد، وهي انتشار الأوبئة والأمراض المعدية، فقد أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني العاملة في اليرموك وصول عدد المصابين بمرض (التيفوئيد) المُعدي إلى 105 أصابات مثبتة «مخبرياً» خلال فترة زمنية قصيرة. وتخشى الهيئات الطبية والأهالي من انتشاره «وبائياً» اذا لم يتم التدخل لايقافه، مع انعدام أو ندرة الأدوية المضادة له فضلاً عن غياب الاطباء المختصين لمعالجة تداعياته، «حيث أن هذا المرض سريع العدوى، ويهدد حياة المريض في مراحله الأخيرة في حال لم يحصل على العلاج منذ البداية. يمكن تلخيص أسباب انتشار المرض بثلاثة عوامل وهي: تلوث المياه وانخفاض مستوى النظافة العامة والشخصية إضافة إلى سوء المرافق الصحية، وهذه العوامل جميعها متوافرة في اليرموك، الذي أصبح بيئة مناسبة لظهور الأوبئة بعد فترة حصار طويل وغياب الكثير من الخدمات الأساسية التي تقدمها البلدية، وبالتحديد تلك التي تتعلق بجمع القمامة وترميم شبكات المياه والصرف الصحي والتي تعرضت بدورها لأضرار فادحة بسبب القصف وتعذر صيانتها فضلاً عن الأهمال، وعلى رغم تكاتف كل هذه الظروف معاً في ظهور المرض. النظام قام مع بداية فصل الصيف بقطع المياه عن المخيم لساعات طويلة، ما أدى إلى انخفاض مستوى النظافة العامة. بعض التقديرات تشير إلى أن النظام قام بايقاف عملية فلترة المياه وتعقيمها، والتي تجرى للحفاظ على صلاحيتها للاستخدام البشري، وهو ما قاد إلى تكاثر الجراثيم والحشرات الطفيلية في شبكة مياه الشرب وتلويثها، حيث يؤكد الناشط (م. ق.) بأن: «الأنروا قامت بأخذ عينات من المياه وفحصها بعد تفشي المرض، وقد تبين لديها بأن المياه ملوثة، ولكن العاملين فيها لم يعلنوا تلك النتيجة خوفاً من بطش النظام».