كشفت الرئيسة السابقة لجهاز الاستخبارات الداخلية البريطانية (أم آي 5) اليزا مانينغهام بولر أنها كانت حذرت الحكومة البريطانية من أن غزو العراق سيؤدي الى زيادة التهديدات الإرهابية ضد بريطانيا. وذكرت بولر في مقابلة خاصة مع صحيفة «الغارديان» البريطانية أنها تساءلت عندما كانت بريطانيا والولاياتالمتحدة يستعدان لغزو العراق: «لماذا الآن؟» وأكدت أنها وجهت هذا السؤال الى الوزراء والمسؤولين المعنيين «على نحو واضح وصريح بكل ما في وسعها من قدرات». وأوضحت أنها شددت على «أن التهديد ضدنا سيزداد بسبب غزو العراق». وكانت حكومة توني بلير السابقة تعي وجود علاقة بين هذه التهديدات وغزو العراق. وأشارت الصحيفة الى أن جهاز الاستخبارات الداخلية كان يعلم أن شن الحرب على العراق سيزيد من المصاعب التي كانت تتمثل في تزايد مشاعر الغضب والحقد والعداء تجاه بريطانيا من داخل الأقلية المسلمة في بريطانيا، والتي تعد بالملايين. وذكرت الصحيفة أن اللجنة المشتركة للاستخبارات في بريطانيا كانت حذرت هي الأخرى في شباط (فبراير) عام 2003، أي قبل شهر من غزو العراق، من أن الإرهاب الدولي يمثل أكبر تهديد ضد الأمن القومي البريطاني على نحو أكبر من نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في شكل مؤكد. وكانت هذه اللجنة مسؤولة عن إعداد ملف أسلحة الدمار الشامل العراقية الملفق والتي ثبت خلو العراق منها في ما بعد. وقالت الرئيسة السابقة لجهاز الاستخبارات الداخلية أنها شاهدت بنفسها من الطائرة التي كانت تستقلها الدمار والدخان المتصاعد من مركز التجارة العالمية في نيويورك بعد يومين فقط من الهجمات الإرهابية التي وقعت هناك في 11 أيلول (سبتمبر) عام 2001، وذلك خلال زيارتها الى الولاياتالمتحدة. وذكرت بولر انها تساءلت عما سيكون عليه رد فعل الأميركيين بعد هذه الهجمات. وشددت على أنه لم يخطر ببالها مطلقاً أن أميركا ستقوم بغزو العراق كرد فعل على هذا الهجوم الإرهابي. وكانت عناصر تنتمي الى المحافظين الجدد في إدارة الرئيس جورج بوش، خصوصاً نائب الرئيس ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد، زعموا على نحو خاطئ وجود علاقة بين صدام حسين وتنظيم «القاعدة». وأوضحت الصحيفة أن أجهزة الاستخبارات البريطانية كانت «غاضبة» لأن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية لم تفند هذه المزاعم وتدحضها. وتعيد الصحيفة أيضاً الى الأذهان أن أول امرأة تتولى رئاسة جهاز الاستخبارات الداخلية في بريطانيا ستيلا ريمنغتون كانت هي الأخرى قد حذرت من مخاطر التلاعب السياسي بالأمن القومي. وفي الوقت نفسه فإن السير ستيفن لاندير، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الداخلية البريطانية والذي شغل هذا المنصب الحساس قبل بولر، كان قد حاول تفسير الخطأ الذي وقعت فيه هذه الأجهزة الأمنية حول أسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة، فقال إن صدام حسين كان يريد أن يقنع الجميع بأنه كان يملك هذه الأسلحة فعلاً إذ كان يعتقد بأنه لن يتعرض للهجوم نتيجة لذلك. ويصف لاندير الأخطاء التي وقعت فيها الاستخبارات البريطانية في هذا الشأن بأنها «كانت عبارة عن سوء تقدير كارثي».