في وقت ينشغل البرلمان المصري بالضغط باتجاه إعادة هيكلة وزارة الداخلية وتطهير الأجهزة الأمنية، بدأت أزمة كشف ضباط رغبتهم في إطلاق لحاهم في التفاعل على الساحة السياسية. وأحالت وزارة الداخلية عشرات من عناصر الشرطة على التحقيق لإصرارهم على المضي قدماً في إطلاق لحاهم، ما اعتبرته الوزارة «مخالفاً للوائح المعمول بها»، فيما صعَّد الضباط من لهجتهم ولجأوا إلى القضاء لانتزاع ما يعتبرونه «حقاً شخصياً». وانقسمت القوي السياسية إزاء هذه الأزمة بين قوى ليبرالية تعارض «أسلمة الجهاز الأمني»، والتيار السلفي الذي وقف في صف المطالبين بإطلاق اللحية ولام وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم الذي يعارض هذه الخطوة. أما جماعة «الإخوان المسلمين» صاحبة الأكثرية النيابية، فبدا موقفها غير واضح، إذ شددت على «ضرورة التزام الأعراف واللوائح المنظمة»، لكنها لم تدن موقف الضباط الملتحين. وأكدت دار الإفتاء «ضرورة التزام الضباط وأفراد الداخلية بالتعليمات والقواعد المنظمة للعمل والعرف العام السائد داخل مؤسسات الدولة، ما لم يتصادم مع ثابت من ثوابت الإسلام المتفق عليها». وعبَّرت في بيان لها عن «استيائها الشديد من حال الجدل السائدة حول حكم إطلاق اللحية لبعض أفراد وزارة الداخلية، لأن إثارة هذا الأمر من الخلافات التي لا يجوز أن تأخذ حيزاً من الجهد المجتمعي في علاجها». وأشارت إلى «ضرورة توجيه هذا الجهد إلى قضايا البناء والتنمية»، لافتة إلى «اختلاف الفقهاء في حكم إطلاق اللحية قديماً وحديثاً، إذ أن فريقاً قال بأنها من سنن العادات وليست من الأمور التعبدية، وأن الأمر الوارد فيها ليس للوجوب ولا الاستحباب وإنما للإرشاد، وآخر قال بأنها من سنن الندب، وثالث قال بوجوب إطلاقها وحرمة حلقها أو قصها». ولم يكن معتاداً في مصر الحديث عن إطلاق عناصر الشرطة أو الجيش اللحى، لكن الأمر تفجر في شكل كبير خلال الأيام الماضية على خلفية إعلان عشرات من عناصر الشرطة إطلاق لحاهم. ودشَّن هؤلاء صفحات على الإنترنت بينها «ائتلاف أنا ضابط ملتح»، و «ائتلاف ضباط الشرطة الملتحين في مصر». وقالت الأولى إنها تضم «أكثر من 300 ضابط وأمين شرطة»، معتبرة أنه «لا يوجد قانون ينص على منع إطلاق اللحى وهذا حق دستوري». ورد وزير الداخلية قائلاً إن «من يُصرّ من الضباط والأفراد على إطلاق لحيته فسيتم إيقافه عن العمل، وإحالته على التفتيش (التحقيق)، واتخاذ الإجراءات القانونية كافة لإحالته على المجالس التأديبية». وأوضح أن «قانون الشرطة يلزم كافة أبناء الشرطة بحسن الهندام والمظهر وحلاقة الذقن والشعر، وهو ما ورد في جميع الكتب الدورية التي يوقع عليها الضابط منذ لحظة دخوله إلى كلية الشرطة». وأضاف أن وزارته «سألت رجال الدين، وأكدوا أن إطلاق اللحية عادة وليس سنة، وبالفعل جرى توعية بعض الضباط وعدلوا عن ذلك». في المقابل، أكد عضو «ائتلاف أنا ضابط ملتح» النقيب محمد صلاح السيد أنه «لا يوجد نصّ في القانون يمنع رجال الشرطة من إطلاق اللحية»، معتبراً إيقافه عن العمل «تعسفاً». وأضاف أن «نشوب الأزمة في هذا الشكل محاولة لشغل الرأي العام عن دعوات هيكلة الوزارة». وانتقد نواب تأخر وزارة الداخلية عن تقديم خطتها لإعادة هيكلة الجهاز الأمني، على رغم أنها كانت مقررة الأسبوع الماضي، كما هاجموا رئيس الحكومة كمال الجنزوري لعدم تضمين بيانه الذي ألقاه أمام البرلمان أول من أمس خطة الهيكلة أو إشارته إلى العمل على وضع تلك الخطة.