أكد خبراء عراقيون أمس وجود «شيفرة» خاصة في خطب زعيم تنظيم «دولة العراق الاسلامية» المرتبط ب «القاعدة» ابو عمر البغدادي موجهة إلى أنصاره لتصعيد هجماتهم. ولاحظ هؤلاء أنه بعد كل خطاب للبغدادي تتعرض مناطق الشيعة في بغداد وغيرها لمجازر تودي بحياة العشرات. وهذا ما حصل أمس حين قتل أكثر من 50 عراقياً وأصيب العشرات في هجمات، بعضها انتحاري، في حي الاعظمية ومدينة الصدر (شرق بغداد) وتلعفر (قرب الموصل). وتزامن ذلك مع تسليم القوات الاميركية الى السلطات العراقية 5 ايرانيين، كانت اعتقلتهم قبل سنتين ونصف السنة، «تطبيقاً للاتفاق الأمني» بين بغداد وواشنطن، كما أعلن البيت الأبيض الذي أكد أن تسليمهم ليس بادرة ديبلوماسية تجاه إيران. ولوحظ تحفظ القيادات الأمنية الرئيسية في العراق عن الإدلاء بتصريحات حول الهجمات التي وقعت عقب خطاب البغدادي، وقال خبراء أمنيون انهم ابلغوا قيادات سياسية بوجود «شيفرة» في الخطاب أطلقت موجة العنف الجديدة، وهي الأولى منذ الانسحاب الاميركي من المدن نهاية الشهر الماضي. وقال أحد هؤلاء الخبراء ل «الحياة»، رافضاً ذكر اسمه، ان الدراسات التي أجرتها القوات الاميركية لخطب البغدادي اثبتت ان موجات مخططة من العنف تنطلق بعد كل خطاب، ما يؤكد وجود «شيفرة» خاصة لم يتم التعامل معها بجدية في ضوء القناعة السائدة بأن البغدادي اعتقل وتنظيمه يتفكك. وكان البغدادي قال في رسالة صوتية أول من امس «حتى لو لم يكن للأميركيين المحتلين وجود إلا في بقعة صغيرة في صحراء العراق بعيداً من كل أشكال الحياة، فإن على كل مسلم جهادهم حتى طردهم من هذه البقعة»، داعيا «مجالس الصحوة» والمجموعات المسلحة التي حاربت «القاعدة» الى العودة عن قتال التنظيم و «الرجوع الى صف الجهاد والمجاهدين وترك باطل الشرك والمشركين». وكانت الحكومة العراقية أعلنت في ايار (مايو) الماضي اعتقال رجل قالت انه البغدادي ويدعى احمد عبد حمد. لكن التنظيم نفى ذلك في تسجيل صوتي لشخص قال انه «البغدادي»، عادة ما يبث الخطابات بنبرة الصوت ذاتها منذ عام 2006. وطالب عضو لجنة الامن والدفاع في البرلمان عبدالكريم السامرائي قيادة امن بغداد بكشف حقيقة اعتقال «البغدادي»، فيما ابلغ مصدر امني رفيع «الحياة» ان الجهة المسؤولة عن هذا الملف ترفض طلبات لكشف القضية. وقتل امس أكثر من 42 عراقيا وأصيب العشرات في احدث موجة عنف شملت مناطق في بغداد والموصل فيما تعرض موكب مدير البنك المركزي لهجوم ادى الى قتل شخص واصابة آخرين. وادى هجومان انتحاريان بحزامين ناسفين استهدفا منزل شقيقين من قوات الامن العراقية في بلدة تلعفر (شمال الموصل) الى قتل 34 شخصا واصابة اكثر من 60. وفي هجوم آخر، قتل 6 عراقيين واصيب 24 بانفجار عبوتين في مدينة الصدر، فيما قتل شخص واصيب خمسة بانفجار عبوة استهدفت موكب محافظ البنك المركزي سنان الشبيبي في حي الكرادة ببغداد. وكان 12 شخصا قتلوا وأُصيب 30 ليل الأربعاء بانفجار سيارتين مفخختين في بعويزة والكبة شمال الموصل. الى ذلك، أعلن ناطق باسم البيت الأبيض في بيان مقتضب ان القوات الاميركية في العراق سلمت السلطات العراقية 5 ايرانيين، كانت اعتقلتهم قبل سنتين ونصف السنة «تماشياً مع الاتفاق الامني» الموقع بين بغداد وواشنطن في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وأحال الناطق «أي أسئلة اخرى عن وضع هؤلاء المحتجزين الى الحكومة العراقية». وشدد المسؤول في البيت الابيض دينيس ماكدونو في لاكويلا بإيطاليا، حيث يشارك الرئيس باراك اوباما في قمة مجموعة الثماني، على ان الافراج عن الايرانيين الخمسة «لا يشكل بادرة ديبلوماسية تجاه ايران، بل هو قرار يستند ببساطة الى الاتفاق الامني». وكان الناطق باسم الخارجية الايرانية حسن قشقوي أعلن ان «الديبلوماسيين الرهائن أصبحوا في مكتب (رئيس الوزراء) نوري المالكي صباح الخميس وسيسلمون الى السفارة الايرانية خلال ساعات»، معتبراً «اعتقالهم مخالفة للقواعد الدولية ولاتفاقية جنيف». بدوره، صرح وزير الخارجية العراقي بأن اطلاق الايرانيين يأتي «وفقاً للاتفاق الامني الذي ينص على تسليم كل المعتقلين من عراقيين وغير عراقيين الى الحكومة». واعتبر «اطلاق المسؤولين الايرانيين يظهر صدقية الولاياتالمتحدة والتزامها تنفيذ الاتفاق». وكانت القوات الاميركية اعتقلت الايرانيين الخمسة في اربيل (شمال العراق) في 11 كانون الثاني (يناير) 2007، واتهمتهم بأنهم «يدعمون المجموعات الخاصة (الشيعية) ويحرضون على شن هجمات في العراق» فيما أصرت طهران على انهم ديبلوماسيون اعتقلهم الجنود الأميركيون في مقر القنصلية في اربيل.