بيروت - أ ف ب - يعيش سكان مدينة تدمر الأثرية في وسط سورية تحت حصار القوات النظامية منذ مطلع شباط (فبراير)، والخوف من تعرضهم لرصاص الجنود الذين «يطلقون النار على كل ما يتحرك»، كما يقولون. ويقول أحد سكان مدينة تدمر إن «الجنود يحاصرون تدمر من كل الجهات، اذ ينتشرون من جهة القلعة العربية، وحقول الزيتون والنخيل، والصحراء، والمدينة». وانتشر الجيش السوري في الرابع من شباط في محيط القلعة والآثار الرومانية، وفي محيط المدينة التي يصل عدد سكانها الى نحو ستين الف نسمة، بحسب هذا الرجل الذي طلب عدم كشف هويته. واضاف: «الطلقات الرشاشة تنهال كالمطر على اي شيء يتحرك في منطقة الآثارات لانهم يعتقدون بوجود عناصر منشقين هناك». وتقع مدينة تدمر، بآثارها المدرجة على لائحة اليونيسكو للتراث العالمي، الى الشمال من العاصمة دمشق، وهي كانت الوجهة الاولى للسياحة في سورية قبل اندلاع الاحتجاجات فيها. وافاد سكان آخرون في تدمر أن مئات المقيمين في المدينة هربوا منها إثر انباء سرت عن مقتل ثلاثة مدنيين بأيدي قوات الامن. وأحد هؤلاء القتلى هو عدنان الكبير، الذي تملك عائلته فندق الواحة في وسط المدينة. وأظهر مقطع بثه ناشطون على الانترنت عدنان الكبير وهو مصاب برأسه في ما يرجح انه طلق ناري. وتزامن حصار المدينة مع انقطاع الاتصالات عنها، ويتحدث الفارون منها عن اطلاق نار يومي من الرشاشات والمدرعات. ويقول احد هؤلاء الهاربين من تدمر: «معظم الشباب رحلوا خوفاً من الاعتقال، ولم يبق في المدينة سوى المسنين والموظفين». ويضيف ان النساء والفتيات جرى نقلهم الى اماكن آمنة. ويؤكد احد السكان الذي لجأ اخيراً الى الاردن، أنه شاهد عربات مدرعة ونقاط تفتيش حول المدينة، ويقول: «الناس يهربون، سواء كانوا معارضين او لا، خوفاً من قوات الامن التي تعتقل الناس عشوائياً». ويقول احد السكان إن القوى الامنية تقيم حواجز داخل المدينة وتوقف الرجال بين سن العشرين والاربعين. ويضيف هذا الرجل الثلاثيني، الذي تمكن من الخروج من تدمر قبل ايام: «فُقد الكثير من الناس، لا نعرف ما اذا كانوا ماتوا أم سجنوا». وبحسب سكان، فإن الناشطين المعارضين للنظام يلجأون الى الحقول ويتجمعون فيها، ما يدفع النظام الى الانتقام من هذه المنطقة التي يعتاش معظم سكانها من زراعة الزيتون والنخيل. ويقول احد هؤلاء السكان: «الحقول المجاورة للآثار هي الاكثر تضرراً»، مضيفاً: «على الناس ان يزرعوا مجدداً وينتظروا 10 سنوات حتى يحصدوا محصولاً جيداً». وكانت مدينة تدمر حتى مطلع شباط في منأى من الحركة الاحتجاجية. ويوضح احد السكان: «كان هناك نوع من الاتفاق بين السكان والسلطات يقضي بأن تتجنب قوات الامن دخول المدينة طالما لم تخرج فيها تظاهرات». ويقول السكان إن الامور تغيرت منذ جرى استبدال الضابط المسؤول عن امن المنطقة، وهو من الطائفة السنية، بضابط آخر من الطائفة العلوية.