أجرى رئيس الهيئة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع عاموس غلعاد محادثات مع مسؤولين مصريين في القاهرة أمس قال مصدر مصري موثوق ل «الحياة» إنها تناولت اساساً ملف تبادل الأسرى، مشيراً إلى أن الجانبين اتفقا على «استئناف المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني من خلال الوساطة المصرية بهدف اطلاق أسرى فلسطينيين في مقابل الإفراج عن الجندي الأسير في غزة غلعاد شاليت». ولفت المصدر إلى أن مصر طلبت من غلعاد ضرورة طرح الموقف الإسرائيلي من قضية الأسرى بعد تولي بنيامين نتانياهو رئاسة الحكومة، موضحاً أن ملف الأسرى منوط بمكتب رئيس الحكومة الذي كلف شخصية جديدة تولي هذا الملف بدلاً من عوفر ديكل ونوحال ديسكين، «لكن رغم ذلك، فإنه حتى هذه اللحظة لم تقدم الحكومة الإسرائيلية أي طرح جديد في هذا الملف حتى يمكن البناء عليه أو تحريكه». وقال المصدر: «بالتأكيد نريد في هذا الملف استكمال المفاوضات من النقطة التي انتهينا عندها لأننا كنا قطعنا شوطاً كبيراًَ وعلى وشك إبرام الصفقة في عهد رئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت، لذلك لا نريد إضاعة الجهود التي بذلت هباء والبداية من الصفر، ورغم ذلك فإن الاتفاق على استئناف المفاوضات أمر إيجابي، لكننا ننتظر من الإسرائيليين طرح موقفهم الجديد، وهذا ما طلبناه منهم». ولفت إلى أن الاتصالات في خصوص ملف الأسرى لم تنقطع «لكنها خلال الفترة الماضية كانت اتصالات ذات طبيعة استكشافية لمعرفة مواقف الحكومة الإسرائيلية». وعن موقف «حماس» التي تدير الجانب الفلسطني في المفاوضات، أجاب: «لا يمكننا التحدث مع حماس في أي شيء قبل معرفة الموقف الإسرائيلي، لكن الذي نعلمه تماماً أن حماس تتمسك بقائمة الأسماء المدرجة التي سلمتنا إياها، وتصر على إطلاق الأسماء التي رفضت إسرائيل الإفراج عنها بسبب من وصفتهم بأنهم من أصحاب العيار الثقيل والملوثة أياديهم بدماء اليهود، بالإضافة إلى قضية إبعاد إسرائيل بعض أسماء المعتقلين بعد الإفراج عنهم إلى غزة». وقال إن رئيس الاستخبارات المصرية «الوزير عمر سليمان رفض هذه المسألة معللاً للإسرائيليين ذلك بالقول انه ما جدوى إطلاق معتقل لتفرض عليه إقامة جبرية في مكان بعيد من أسرته وعائلته». وعلى صعيد تثبيت التهدئة، أجاب المصدر المصري: «لا يوجد جديد، هناك اتفاق ضمني بأن التهدئة متبادلة بين إسرائيل وحماس، بمعنى أن أي خرق فلسطيني للتهدئة سيقابله تصعيد عسكري من جانب الإسرائيليين». وفد أمني مصري في رام الله من جهة اخرى، بدأ وفد أمني مصري رفيع المستوى امس محادثات في رام الله مع قادة القوى والفصائل والشخصيات الوطنية في محاولة للبحث عن مخرج من الازمة التي يشهدها الحوار الوطني الفلسطيني في القاهرة قبيل موعد الجولة الاخيرة منه. وشملت لقاءات الوفد المصري التي تستمر ثلاثة ايام لقاء مع رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض، ولقاء آخر مع عدد من مساعدي الرئيس محمود عباس، ولقاءات منفصلة مع وفود تمثل الفصائل المختلفة، خصوصاً وفدي «فتح» و «حماس». وضم وفد «حماس» رئيس المجلس التشريعي الدكتور عزيز الدويك، ونائب رئيس المجلس الدكتور محمود الرمحي، وممثل كتلة الحركة في المجلس الدكتور عمرو عبدالرازق. كما ضم وفد «فتح» رئيس وفد الحركة الى الحوار احمد قريع، وأعضاء الوفد الى الحوار عزام الاحمد ومحمود العالول وماجد فرج. ووصل الوفد المصري الى رام الله قادماً من سورية حيث اجرى لقاءات مماثلة مع قادة الفصائل وممثلين عن القيادة السورية. وقال الاحمد ان الجانب المصري يحاول اقناع الجانب السوري بمساعدته في انجاح جهود الحوار. لكن مسؤولين في الفصائل قلّلوا من فرص نجاح الوفد في تحقيق اختراق حقيقي في الازمة التي يشهدها الحوار. وأضاف مسؤولون في «فتح» و «حماس» ان خلافاً مبدئياً في شأن انهاء الانقسام ما زال يعترض طريق التوصل الى اتفاق. وقال الاحمد ان «المطلوب هو انهاء حقيقي للانقسام وليس تكريسه عبر اي اتفاق». ويتناول الخلاف بين «فتح» و «حماس» لجنة التنسيق الفصائلية، اذ تريد «حماس» من اللجنة ان تنسق بين حكومتي الضفة الغربية التي تديرها السلطة، وحكومة قطاع غزة التي تديرها الحركة، في حين تريد «فتح» من اللجنة ان تنسق بين ما تسميها الحكومة الشرعية للسلطة في الضفة وبين مؤسسات غزة. وحدد المقترح المصري مهام لجنة التنسيق الفصائلية في اعادة إعمار قطاع غزة والتحضير للانتخابات العامة المقبلة. وأوضح الاحمد: «حماس تريد للاتفاق ان يبقينا كيانين منفصلين، ونحن نريد ان نكون كياناً واحداً». ويقول مسؤولون في «حماس» ان اللجنة هي البديل العملي للمطلب «الفتحاوي» القاضي بتشكيل حكومة وفاق وطني تعترف بشروط اللجنة الرباعية. واعتبر الرمحي ان اللجنة المقترحة هي اداة لإنهاء الانقسام عبر التحضير للانتخابات وإعادة إعمار قطاع غزة. واستبعد مسؤولون في «فتح» التراجع عن مطالبتهم بإنهاء كلي للانقسام كشرط للتوصل الى اتفاق، كما استبعد مسؤولون في «حماس» الموافقة على مفهوم «فتح» لدور اللجنة الفصائلية التي يطالب وفد «فتح» بأن يكون الرئيس محمود عباس مرجعيتها. وكان الجانب المصري اعلن عن السابع من تموز (يوليو) الجاري موعداً نهائياً للتوصل الى اتفاق للمصالحة، لكنه تراجع عن الموعد وطلب من وفدي الحركتين الرجوع الى قيادتهم، ثم العودة الى جولة أخيرة تعقد في 24 الجاري وتنتهي في 28 منه. ورجح مسؤولون في الحركتين عدم التوصل الى اتفاق في جولة الحوار المقبلة، مستندين في ذلك الى حجم الفجوة التي ما زالت تفصل بين مواقف الطرفين. وشهدت الضفة الغربية وقطاع غزة اخيراً سلسلة اجراءات وإجراءات مضادة اتخذتها الحكومتان ضد انصار كل منهما. وشملت هذه الاجراءات اعتقالات واسعة واتهامات بتشكيل خلايا تجسس ضد «حماس» في غزة، وتشكيل خلايا للقيام باغتيالات واعتداءات ضد قيادات «فتح» في رام الله، الامر الذي اعتبر نهاية غير سعيدة لجولات الحوار الوطني المتواصلة منذ مطلع العام.