شكا مسؤولون في بعض المحافظات الجنوبية من توقف عمليات إعمار المدن بسبب العجز في الموازنة العامة للمحافظات والذي قارب الضعفين، بالإضافة الى تكبيل الحكومات الجديدة بديون عن مشاريع إعمار غير منجزة، وانتقد بعضهم ما اعتبروه «غموضاً» في معايير تحديد الموازنات للمحافظات وعدم الأخذ بالحسبان نسبة الدمار التي طاولت المدن وحاجاتها الأساسية. وجرت العادة خلال الأعوام الماضية «تدوير» كلفة مشاريع الإعمار غير المنجزة في موازنة العام الى العام الذي يليه، ما أدى الى وصول عشرات المشاريع المنجزة جزئياً الى مجالس المحافظات التي لا تملك القدرة على إكمالها بسبب عجز موازناتها. ويقول محافظ ميسان (390 كلم جنوب بغداد) محمد شياع ل «الحياة» ان «آلية تحديد الموازنة للمحافظات لا تأخذ بالحسبان معيار محرومية المدن ونسبة خرابها في تحديد الموازنة الخاصة بالحكومة المحلية، وهو ما نص عليه الدستور العراقي، بل تستخدم فقط معيار عدد السكان». وتابع ان «محافظة ميسان حدودية وكانت ساحة للحروب المتعاقبة. لذلك فإن معيار الخراب يمكن أن يغيّر (يزيد) من المبالغ المخصصة لنا تغييراً واضحاً». ولفت إلى ان «ميسان من بين المحافظات التي استقبلت مهجرين من كل مناطق الوسط والشمال في العراق، إضافة إلى هجرة عكسية من الأهوار بعد جفافها، ما سبب توسع مساحة أحياء المحافظة وصعوبة إيصال الخدمات الى الأحياء الجديدة ما أدى بالتالي إلى انخفاض الإنتاج الزراعي في الأطراف». وأضاف «ان حجم الالتزامات المالية لهذا العام لمحافظة ميسان بلغ 259 بليون دينار عراقي، بينما بلغت الموازنة 94 بليون دينار فقط، ما يعني أن نسبة العجز المالي تبلغ 165 بليون دينار، ولن تشهد فترة تسديد هذا العجز أي مشروع إعماري». محافظة البصرة (500 كلم جنوب بغداد) تعيش بدورها أزمة مشابهة، ولم تتوقف مطالبات حكوماتها المحلية المتعاقبة برفع موازنات الإعمار فيها لمعالجة نسبة الدمار الذي لحق بالمدينة نتيجة وقوعها في محور 3 حروب كبيرة منذ عام 1980. ويقول رئيس مجلس محافظة البصرة السابق نصيف العبادي أن «عدد سكان البصرة يزيد بنحو 700 ألف نسمة على العدد الذي احتسب لوضع الموازنة». وينتظر المجلس الحالي نتائج طلب قدمه الى البرلمان لاقتطاع نصف دولار عن كل برميل يصدّر من المحافظة من أجل إعمار المدينة، ما يؤمن بحسب المسؤولين المحليين مبالغ كافية للخروج من الأزمة المالية في المحافظة. ويقول محافظ المدينة شلتاغ عبود ل «الحياة» إن إدارته «وجدت ديوناً بذمة الحكومة السابقة إلى الشركات الأهلية التي تقوم الآن بتنفيذ مشاريع في المحافظة، الأمر الذي يحتم علينا تسديد هذه الديون هذا العام وعدم ترك ديون جديدة». وفي محافظة ذي قار (370 كلم جنوب بغداد) تبلغ نسبة العجز في الموازنة 340 بليون دينار بحسب الناطق باسم مجلس المحافظة لطيف ثجيل الذي يقول إن «المحافظة أوقفت أكثر من 70 مشروعاً خدمياً هذا العام نتيجة قلة المخصصات المالية المرصودة للمحافظة ضمن خطة تنمية الأقاليم لعام 2009». ويضيف ان «العام الحالي لم يشهد فقط عجزاً في الموازنة، وانما طاول العجز قطاع الكهرباء ومعالجة مياه الأنهار». وأشار عجيل إلى «تشكيل لجنة من أعضاء مجلس المحافظة للبحث مع رئاسة الوزراء في العجز الحاصل في الموازنة المحلية لهذا العام التي لا تفي بسداد الديون والنهوض بمشاريع جديدة».