عرف كل سكان الرياض بخبر إغلاق المطعم الشهير في الموقع المعروف لمدة يوم واحد فقط، على رغم أن جُرمه في دول أخرى يقتضي إغلاقه مدة أطول، وتغريمه وربما محاكمته. المطعم اكتشفت فيه بكتيريا اسمها مقزز، وسبب وجودها يصيبك بالاشمئزاز، وعلى رغم ذلك فتح أبوابه في اليوم الذي تلاه، وكأن شيئاً لم يكن، وكأن الإنسانين اللذين تسمما لا ينتميان لبني البشر. يعتقد الناس أن المطعم المشهور هو بالضرورة نظيف وجيد، وأنه لا يعقل أن يكون حقق النجاح إلا لأنه «كويس» وكل الناس جرّبته، والحقيقة أن الشهرة في المطاعم ليست بالضرورة لهذه الأسباب، فهناك الموقع، وهناك المساحة، وهناك «الفشخرة» التي تنتقل عدواها، خصوصاً بين النساء، وهناك الاستعراض بين الشباب، وادعاءات الثراء والرقي التي تجعلهم يرتادون بعض المطاعم، على رغم أن أكلها لا يساوي شروى نقير. وفي قضية المطعم أعلاه لا يمكن حصر اللوم على أصحابه، فهم وجدوا نظاماً متسامحاً، ولديهم استثمارات ومشروع هدفه الربحية، ولا على موظفي البلدية الذين ربما يطبقون أنظمة قديمة لا تلائم عقوباتها الجرائم المرتكبة بحق الصحة العامة ونظافة البيئة. اللوم يقع على «المشافيح» الذين لا يستطيعون كبح جماح شهوة الأكل في مطعم عرف كل أهل الرياض أنه أغلق لأن أحد العاملين فيه يباشر تحضير الطعام بعد خروجه من دورة المياه - أعزكم الله – من دون غسل يديه، هل أصبنا بالتبلد إلى هذا الحد؟ هل أصبح الأكل خارج المنزل ضرورياً إلى هذه الدرجة؟ وهل أصبح الرجال المتزوجون على الأقل ضعيفين إلى درجة عدم قدرتهم على الطلب من زوجاتهم إعداد الطعام، حتى لو كان شطيرة أو فطيرة؟ تتقاطع مشكلة الأكل في الخارج مع مشكلة الترفيه، الأكل في المطعم نزهة عائلية، خيار أساسي للعائلات في الرياض، وفطن أهل المطاعم لذلك، وأنت بين خيارين، إما أن تأكل وجبات سريعة مضرة صحياً، لكن إعدادها آلياً وضوابط العاملين عليها، يجعلانها أفضل من غيرها، أو أن تأكل في أي مطعم له شعبية وشهرة واسعتان، وتأخذ المخاطرة الصحية، وتختار من قائمة الطعام نوع البكتيريا التي تود أن تجربها هذه المرة. في كثير من المناطق لا يعترف الرجال بأكل المطاعم، وإذا أراد تدليل زوجته أو إراحتها من الطبخ، قام بالطبخ أو بالشوي بنفسه داخل أو خارج المنزل، ولأن بعض الرجال يريدون الخلاص بأسرع وقت ممكن من الارتباط العائلي، خصوصاً في مساءات آخر الأسبوع يوافقون على أي مطعم، ويفضلون خسارة المال والصحة على «استثمار» الوقت مع العائلة. [email protected]