«أعداء الشعب» إخراج: مايكل مان - تمثيل: جوني ديب - كريستيان بال كان المشروع في البداية، مشروع مسلسل تلفزيوني في حلقات قليلة يؤرخ للعامين الأولين من حياة مكتب التحقيقات الفيديرالي «أف بي آي»، وهما العامان اللذان شهدا صراع هذا المكتب الدامي والمرير مع عدد من كبار اللصوص والمجرمين الذين عرفهم التاريخ الأميركي في القرن العشرين. لكن الذي حدث هو ان الكاتب بريان بوروز، بعدما أمضى أعواماً وهو يجمع الوثائق والحكايات والمعلومات حول بعض اولئك المجرمين ومنهم جون ديلينغر وبيبي فاس نلسون وبرتي بوي فلويد، وجد نفسه يميل أكثر ناحية جعل مشروعه مجرد كتاب تاريخي غير روائي. فتوقف العمل على المسلسل. ثم تحول المشروع كله الى هذا الفيلم الذي يحقق الآن نجاحات كبيرة، ويجمع بين اسلوبي دي بالما وسكورسيزي، ليقدم موضوع مكافحة الجريمة المنظمة في أميركا الثلاثينات، أي في الزمن الذي جعل فيه الكساد الاقتصادي والفقر العام، من اللصوص أبطالاً شعبيين، حتى وإن كان الفيلم - وهذا مأخذ بعض النقاد عليه - قرر ألا يظهر هذا الجانب من الرواية: جانب افتتان العامة بكل خارج على القانون، انطلاقاً من إحساس هؤلاء العامة بظلم اجتماعي لا أثر له في الفيلم، الذي سخر طاقات فنية هائلة لتصوير مطاردة المجرمين والإيقاع بهم. br / «نبي» إخراج: جاك اوديار - تمثيل: طاهر رحيمي كثر من أهل «كان» هذا العام احبوا فيلم أوديار الجديد هذا. لكن كثراً في المقابل لم يروا فيه اي جديد يفاجئ. ومن هنا حين نال في حفل ختام المهرجان جائزة لجنة التحكيم الكبرى، كان هناك تصفيق صاخب كما كان هناك استياء. لكن الذي «شفع» للفيلم في الحالات كافة، كان أسلوبه الأميركي الذي اعتبر جديداً على السينما الفرنسية (على رغم ان اللبناني الراحل مارون بغدادي دنا من هذا الأسلوب في فيلم سجون حققه بعنوان «فتاة الهواء» في فرنسا وكان آخر أفلامه). إذاً «نبي» فيلم سجون وبطله شاب عربي يعتقل داخل سجن فرنسي قاس. فيضطهد ويعذب... لكن هذا يقوي من عزيمته، ولا سيما بعد ان يختلط بالمافيا الكورسيكية داخل السجن وينفذ لحسابها جرائم وعمليات تهريب. فيصبح بعد ذلك زعيمها الكبير الذي يطيعه الجميع. والحقيقة ان موضوع الفيلم ليس جديداً. لكن المخرج عرف كيف يحيطه بأجواء ومشاهد قاسية، ربما كانت هي ما أدهش المتفرجين الذين أحسوا انفسهم يتلصصون على الحياة الداخلية للسجن وهم جالسون على مقاعدهم في أمان! «أخذ وودستوك» إخراج: آنغ لي - تمثيل ديمتري مارتن وآخرين كان هذا واحداً من الأفلام المنتظرة أكثر من غيرها قبل الدورة الأخيرة لمهرجان «كان» السينمائي. ولكن حين عرض الفيلم في المسابقة الرسمية لم يقنع احداً. وبدا ان الجميع لم يستسغ ان يخوض مخرجه الصيني الأصل، موضوعاً أميركياً خالصاً، على مثل هذه الخفة... علماً بأن لي سبق له ان تعمق في المواضيع الأميركية بشكل مدهش. المهم ان غاية ما تمكن منه في هذا الفيلم، هو انه استثار ذكرى ذلك العام العجيب من التاريخ الأميركي الحديث: عام غزو القمر، و «اوديسة الفضاء» و... «وود ستوك». وكان تركيز الفيلم، طبعاً، على هذا الحدث الثالث، من خلال حكاية حب وتحرر وغناء تدور حول ذلك التجمع التاريخي الذي، من خلال عروضه الغنائية والراقصة التي تواصلت أياماً، تمكن من إدخال اميركا كلها - والعالم كله بالتالي - الى عصر الليبرالية، مبدلاً في الفنون والقيم ودور الإعلام ودور العلم. ب اختصار يمكن النظر الى هذا الفيلم على انه رسالة حب الى اميركا، من مبدع صيني تبناها وتبنته. «مخيال الدكتور بارناسوس» إخراج: تيري جيليام - تمثيل: كريستوف بلامر، هيث ليدجر. حسناً فعل تيري جيليام إذ لم يعرض فيلمه الجديد هذا في مسابقة «كان» الرسمية، بل على هامشها. فهو لو عرض فيها كان من شأنه ان يفوز بجائزة. لكنه حين عرض خارجها فرض نفسه، ولو من طريق كونه تحية وجهت الى الممثل الراحل ليدجر، الذي كان هذا آخر فيلم مثله. ومع هذا أحب كثر الفيلم، لا لقوته، إنما لغرابته. ولأن جيليان يعود فيه الى عوالمه العجيبة من خلال حكاية فرقة مسرحية تتجول بين الأمكنة، وتعتمد على من يعتبر شيطاناً، في لعبة تأخذ الجمهور الى مواجهة مرآة كبيرة هدفها دراسة خيال هذا الجمهور. لعبة مسرح وسيرك وشطارة سحر... تمازح المتفرجين وتأخذهم من ايديهم الى اقاصي وديان الخيال، ولكن من دون اي عمق حقيقي، بل حتى من دون اية حكاية حقيقية يمكن للمتفرج ان يتابعها فيحس بانجذابه حتى لحظات الفيلم الأخيرة، حيث يكتشف المتفرج ان ما كان يفعله طوال ساعتي الفيلم إنما كان التجول في عالم سوريالي لم يعدّه له أحد.