بات مقر وزارة الداخلية المصرية الذي يحاصره متظاهرون في وسط القاهرة احتجاجاً على مقتل 74 شخصاً في اشتباكات أعقبت مباراة لكرة القدم، مصدر إزعاج للسلطات، فمع أي حادث عنف يحاول متظاهرون الوصول إلى مبنى الوزارة للاحتجاج فتمنعهم قوات الأمن وتسقط منهم عشرات القتلى والجرحى. وفي حين يعتبر كثيرون أن سياسات الشرطة لم يطلها تغيير بعد الثورة، ويتهمها بعضهم بقيادة «الثورة المضادة»، يردد مسؤولون أن الاحتجاجات أمام الوزارة هي «محاولات لاقتحامها وجزء من مخطط لإسقاط الدولة». وتعرض مبنى وزارة الداخلية القريب من ميدان التحرير لأكثر من محاولة لاقتحامه منذ سقوط النظام السابق بدأت في أعقاب اعتداء قوات الأمن على بعض أهالي مصابي الثورة في محيط مسرح البالون في القاهرة في حزيران (يونيو) الماضي. وحاول متظاهرون الوصول إلى الوزارة في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي في أعقاب اشتباكات دامية بين الشرطة ومتظاهرين في شارع محمد محمود أسقطت عشرات القتلى من المتظاهرين وأدت إلى إصابة عشرات آخرين، خصوصاً في أعينهم. وأثارت تلك المواجهات المتكررة مطالبات بنقل مقر وزارة الداخلية إلى ضاحية بعيدة من قلب العاصمة المشتعل. وكانت وزارة الداخلية بأجهزتها، خصوصاً جهاز أمن الدولة المنحل، الذراع الطولى لنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك في حكم البلاد، إذ كثيراً ما كان يستخدمها في ترسيخ حكمة سواء بتزوير الانتخابات أو قمع المعارضين. واستمرت تلك النظرة إلى الوزارة بعد الثورة، خصوصاً أن المجلس العسكري الحاكم لم يتخذ خطوات باتجاه إعادة هيكلة الوزارة، وهو مطلب تردد على ألسنة غالبية النواب من مختلف الاتجاهات في جلسة مجلس الشعب أول من أمس لمناقشة تداعيات أحداث مباراة كرة القدم الدامية في بورسعيد. وانتقد نواب إحجام الشرطة عن التدخل لوقف الاشتباكات رغم تواجد قواتها بكثافة في استاد بورسعيد، وسط اتهامات من شهود ومصابين لها بالتواطؤ. وقارن كثيرون بين هذا الموقف وبين استماتة قواتها في منع المتظاهرين من الوصول إلى مقر وزارة الداخلية إلى حد قتل اربعة وجرح عشرات. وربما يفسر هذا الدفاع المستميت باعتبار الشرطة مقر الوزارة آخر موطئ قدم ل «هيبتها» المهتزة في الشارع. وأمام هذا التنازع، يظل شارع منصور القريب من مقر الوزارة صريعاً بين غاضبين يأبون استمرار القمع وشرطة تأبى الإجهاز على عرشها المتداعي.