يعقد البرلمان العراقي اليوم جلسته الثانية في ظل غياب التوافق حول أسماء مرشحي الرئاسات الثلاث، ووسط توقعات بالإخفاق مجدداً وتأجيل الحسم إلى جلسات أخرى، فيما أكدت مصادر داخل التحالف الشيعي زيادة ضغط المرجع الشيعي علي السيستاني لسحب ترشيح رئيس الوزراء نوري المالكي لولاية ثالثة، لكن الأخير ما زال مصراً على ترشيح نفسه. كما جاءت الضغوط من ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق نيكولاي ملادينوف الذي دعا أمس البرلمان العراقي إلى انتخاب رئيس له في جلسته الثانية، معتبراً أن الإخفاق في ذلك يعرض العراق لمخاطر الانزلاق «في حالة من الفوضى». وقال ملادينوف في بيان: «أدعو جميع البرلمانيين لحضور جلسة مجلس النواب»، مضيفاً أنه «بينما تسعى الكتل السياسية نحو الاتفاق على الشخصيات الرئيسية فإن الخطوة الأولى هي انتخاب رئيس جديد للبرلمان خلال جلسته». وأكد النائب عن كتلة «المواطن» وهي أحد أطراف التحالف الشيعي، علي شبر، ل «الحياة» أن «المرجعية أوصلت رسائل صريحة إلى مكونات التحالف شددت فيها على ضرورة تغيير المرشحين وتقديم التنازلات»، لكنه أشار إلى عدم وجود استجابة من قبل ائتلاف المالكي. وتابع أن «جلسة الأحد (اليوم) لن تشهد الاتفاق على المناصب الرئاسية الثلاث، وأتوقع أن تشهد جلسة مشادات بين النواب». وأضاف: «كما ستشهد الجلسة مشادات ومهاترات بين الكتل السياسية»، مبيناً أن «الكتل السياسية لا تزال متمسكة برأيها باختيار الشخصيات للرئاسات الثلاث». وأوضح شبر أن «عدم توصل الكتل إلى أسماء المرشحين أمر مخيف، وسببه وجود خلافات داخل الكتلة الواحدة»، مشيراً إلى أن «الكتل السياسية مدعوة للاهتمام بمصلحة البلد خاصة مع تعرضه لهجمة على يد التكفيريين». وكان البرلمان الجديد عقد جلسته الأولى في الأول من الشهر الجاري لكنه أخفق في اختيار رئيس له كما أوجب الدستور العراقي، وشهدت الجلسة انسحاب كتلتي «التحالف الكردستاني» و»تحالف القوى الوطنية»، ومقاطعة كتلة «الوطنية» بزعامة إياد علاوي. وأعلن نواب عن كتلة «التحالف الكردستاني» أمس حضور أعضاء الكتلة جلسة اليوم، بالتزامن مع إعلان كتل «متحدون» و»الوطنية» و»التحالف الوطني» المشاركة. وقال القيادي في ائتلاف «دولة القانون» علي العلاق ل «الحياة» «لا نعلم ما إذا كانت الكتل الأخرى ستحضر جلسة يوم غد (اليوم) أو ستقاطعها، لكن كل كتل التحالف الوطني ستكون موجودة، وسيتوافر النصاب القانوني لعقد الجلسة». وأضاف: «لا يوجد حتى الآن اتفاق داخل التحالف الوطني على مرشح واحد لرئاسة الحكومة، وإننا في دولة القانون نصّر على ترشيح المالكي لولاية ثالثة لأنه يتملك الأصوات اللازمة لهذا الترشيح داخل وخارج التحالف». وعن الضغوط التي تمارسها المرجعية على التحالف الشيعي لسحب ترشيح المالكي قال العلاق: «أفضل عدم الإجابة على هذا السؤال»، وبخصوص الخلاف بين كتل التحالف بسبب عدم تقديم طلب رسمي لاعتبار التحالف الكتلة الأكبر أوضح أن «هناك خلافاً قانونياً حول هذه المسألة. فالبعض يرى أن الطلب يجب أن يقدم إلى رئيس البرلمان المنتخب وليس رئيس السن، وهناك من يقول إن الطلب يقدم إلى رئيس الجمهورية، وعليه سنقوم باستفتاء المحكمة الاتحادية لمعرفة الصواب». وكان بعض نواب «التحالف» انتقدوا عدم تقديم الطلب في الجلسة الأولى واعتبروا ذلك الأمر مقصوداً حتى يتم اعتبار «دولة القانون» هي الكتلة الأكبر، بسبب عدم تقديم طلب من أي تحالف في تلك الجلسة. وقال القيادي في «التيار الصدري» أمير الكناني إن «التحالف الوطني يواجه صعوبة كبيرة في إقناع المالكي بالتنحي حتى بعد توصية المرجعية، لا سيما أن المالكي بات يتذرع الآن بالأوضاع الجديدة التي سادت بعد احتلال الموصل. وأشار إلى أن «الائتلاف الوطني ممثلاً بالتيار الصدري والمجلس الأعلى لا يزال مصراً على استبدال المالكي مع الإقرار بأحقية دولة القانون في ترشيح بديل له من داخل الكتلة». إلى ذلك أعلنت كتلة «التحالف الكردستاني» أنها ستحضر جلسة اليوم بكامل نوابها، فيما أكد المتحدث باسم ائتلاف «القوى الوطني» ظافر العاني أن «هناك آليات اتفقنا عليها داخل تحالف القوى من شأنها حسم الجدل في شأن المرشح لمنصب رئاسة البرلمان من دون أي معارضة لأننا نرى أن الأوضاع الراهنة تتطلب منا اتخاذ مواقف جادة ووطنية بعيداً عن لغة المكاسب». وأوضح العاني أنه في اللحظة التي يعلن فيها التحالف الوطني اسم مرشحه، شريطة أن يكون غير المالكي، سوف نعلن مرشحنا بعده بدقائق، مؤكداً أنه «في حال جرى اختيار المالكي فلن نشارك في الحكومة ونتجه للمعارضة». في هذه الأثناء حذر المبعوث الأممي، من غرق العراق في الفوضى إذا اخفق البرلمان في إنعاش العملية السياسية. وقال المُمثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق نيكولاي ملادينوف في بيان: «أدعو جميع البرلمانيين لحضور الجلسة المقبلة لمجلس النواب... فالإخفاق في المضي قدماً في انتخاب رئيس جديد للبرلمان ورئيس جديد للدولة وحكومة جديدة يعرض البلد لمخاطر الانزلاق في حالة من الفوضى، وأن مثل هكذا إخفاق سوف يخدم مصالح أولئك الذين يسعون لتقسيم الشعب العراقي وتدمير فرصهم لتحقيق السلام والازدهار». وأضاف ملادينوف، أن «العراق بحاجة إلى فريقٍ قادرٍ على جمع الناس معاً... الآن ليس وقت لتبادل الاتهامات، إنه الوقت المناسب للمضي قدماً والتوصل إلى التفاهم المنشود لمصلحة الشعب العراقي، وأن وجود برلمانٍ فعال يمكّن البلاد من العمل معاً ضد الإرهاب وتنشيط العملية السياسية التي من خلالها يمكن الاستجابة لشواغل جميع المكونات والتخفيف من المعاناة الإنسانية لأكثر من مليون شخص وضمان حماية حقوق الإنسان والإنجازات الديمقراطية». وتابع ملادينوف: «إذا لم يتم التوصل إلى حلول جدية للمشاكل الحالية، يتعين على كافة الزعماء السياسيين تقاسم المسؤولية في إخفاقهم بإبداء الشعور بالواجب اللازم في وقت الأزمات». وزاد: «وبينما تسعى الكتل السياسية نحو الاتفاق على الشخصيات الرئيسية، فإن الخطوة الأولى هي انتخاب رئيس جديد للبرلمان خلال جلسة (اليوم)».