طارق الشواف ليس مجرد مصدر «هندسي» لأفكار أو قضايا تنموية بالنسبة إلى كاتب أو صحافي، وليس حاملاً لفلسفة التخصص فقط، إنه بالمحكية البسيطة أحد «شيباننا»، لكن الفارق أنه مهندس عتيق عاصر التنمية، وكان شاهد عيان على كثير من المنجزات، وبعض الإخفاقات. في العام المقبل سيبلغ ال80 من عمره، هنا انتهى الحديث معه وهو يستحضر «سأم» زهير شعراً، ويجيب على تساؤلي حول توثيق هذه التجربة في كتاب بأنه سيبدأ التفكير، وربما التنفيذ العام المقبل. الحديث بدأ حول «زعلة» المكاتب الاستشارية لإسناد مشاريع حكومية عملاقة لشركات عالمية، وتشعب كثيراً، وحفل بالأمثلة والأسئلة، وكلها بالنسبة إلي علامات فارقة في فهم التحولات التي نشهدها على أرض الواقع التنموي. يجب أن تكتب تجربة نصف قرن، تبدأ في الخمسينات من حيث بعد نظر الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمه الله- عندما كان وزيراً للمواصلات، وسمح لك بأن تمارس مهنتك ميدانياً في القطاع الخاص، بدلاً من أن تتحول إلى موظف يغرق في المعاملات الورقية في الوزارة، وكأنه يقرأ ما نحن بحاجة إليه. أكتب، وتوقف كثيراً عند أحاديث ونصائح الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ملكنا وخادم الحرمين التي حضرتها في السبعينات في نادي الفروسية، التي كان يقولها للمسؤولين والضيوف، واثق أن فيها من الدرر ما يكفي لهندسة الوعي أكثر وأفضل لينتج حباً أعمق للوطن، وإخلاصاً في مشاريعه. جُلْ بنا رجاءً في ولادة الجبيل وينبع، وإنشائهما، وكيف كانت الرؤى تسبق الزمن، والطموحات ليست شخصية ولا إعلامية، وعرج على كبرى مشاريع البلاد الإنشائية في شتى المجالات. تساءل في كتابك أو مذكراتك أو حتى سلسلة مقالاتك كيف يجرؤ اليوم بعض المسؤولين على مخالفة نظام واضح مكتوب وصريح بإشراك المقاولين السعوديين، والمكاتب الاستشارية بنسب محددة في المشاريع العملاقة وعدم تطبيقه. أسأل كيف يمكن لمهندس سعودي أن يكتسب خبرة في قطاع جديد على البلد ينفذ فيه مشروع حيوي والشروط تطلب عقوداً من الخبرة، ولا تجبر الأجنبي على إشراكهم حتى نبني خبرات جديدة كما فعلنا في السابق ثم تراجعنا القهقرى؟ حدثنا عن بُعد نظر وزارة الداخلية وهي تشاركك فكرة إتاحة الفرص للمهندسين السعوديين الجدد، ثم اعرض علينا سبب تفوق العمل الهندسي الاستشاري عندما يكون معها، ومع الهيئة الملكية للجبيل وينبع، وهيئة تطوير مدينة الرياض. أبحْر بنا في كل تفاصيل الهندسة الفكرية لنعيد تصميم أفكارنا عن الإنجاز، وعن منافذ الفساد، وعن ائتمان المسؤول بثقة، ومحاسبته بدقة. اقترح علينا أن تلزم كل جهة مطلع العام بعرض كل مشاريعها بالاسم حتى يستعد المهندسون السعوديون، كلَّ في مجاله، بدلاً من أن يفاجأوا بتوقيع العقد مع مهندس من وراء البحار في الصحف. ابتسم معنا رجاء لأن الأجمل في وطني سيأتي، رغماً عن أنوف أنساها الطمع رائحة الرمل والنخل والبحر. [email protected] twitter | @mohamdalyami