لم يزر المحتفى بهم مسرح مدرسة «هافرستوك» في شمال لندن، من قبل، لكنهم حضروا بغيابهم المدوّي. حضرت ذكرى الشهداء حكم السباعي، غياث مطر، مشعل التمو، هادي الجندي، وحمزة الخطيب عبر أغاني الفنان وصفي المعصراني، في حفلة أقيمت لجمع التبرعات للشعب السوري نظمتها مجموعة «التضامن البريطاني - السوري» ليتقاطر حوالى 400 شخص من أنحاء بريطانيا لحضورها، من سوريين وعرب. بدأت الاحتفالية بشريط للتظاهرة الحاشدة في مدينة إدلب، الجمعة الماضي، في «ساحة الساعة». ثم عرض شريط قصير آخر، مع أغنية بالإنكليزية، عن الطفولة، لتحكي المشاهد واقع الأطفال السوريين خلال الأشهر العشرة الماضية، لا سيما مع إشارة «مركز توثيق الانتهاكات» إلى مقتل 430 طفلاً وطفلةً، على الأقل، منذ اندلاع الحوادث في سورية في آذار (مارس) 2011. قطع صوت المعصراني حالة الحزن والصمت التي خيّمت على المسرح، بعد الفيلم الذي اختتم بطفل سوري يخبر حكاية استشهاد والده واعتقال أخيه من خلال قصاصات ورقية وعلى ضوء شمعة. البداية بأغنية «دلعونا، طلبنا الحرية وقاموا قتلونا»، والتي تذكر أبياتها اللاحقة المعتقلين في سجون النظام من طلّ الملوحي إلى نجاتي طيّارة وآخرين. أما أغنيته الثانية، فاستقاها من متظاهرٍ مغمور ذي صوتٍ عذب في مدينة الضمير في ريف دمشق، ويقول فيها: «عل هودلا لك، علهوداليا، ما بدنا حكم الأسد، بدنا الحريّة»، ليؤديها وصفي بكلمات المتظاهر ولحنه مدخلاً صوت الشاب على المقطع الأخير. ولكل أغنية عند المعصراني حكاية تبدأ في سورية، لا سيما «حلم الشهادة» التي كان مقرراً أن يغنيّها عبدالباسط الساروت، أحد أبرز منشدي الثورة، بصوته للجمهور اللندني، لكن الأحوال الأمنية حالت دون تسجيل الأغنية في سورية، واعتذر المعصراني عن عدم تأديتها بدلاً من الساروت، لتتعالى الهتافات في القاعة «عبدالباسط، الله يحميك!». قصّة جديدة من حمص وأغنية أخرى ألّفها ولحّنها الثوار ليوثّقها المعصراني بصوته، وفي تسجيل محترف، وهي «جنّة يا وطننا» وجّه بعدها تحيّة إلى حمص بأغنيته «حمص يا دار السلام». حتى الشهيد محمد عبدالحميد المحمود حضر على منصّة مسرح «هافرستوك»، إذ بثّ تسجيل له يغني «يمّا مويل الهوى» في إحدى قرى جبل الزاوية - إدلب قبل أشهر، على ضوء الشمعة، قبل أن يُعتقل ويُسلّم جثمانه بعد ذلك بأيام... وصارت الأغنية ثنائية مع المعصراني الذي استعاد أيضاً أغنية الساروت «ماتت قلوب الجيش»، قبل أن يحيّي الشهداء والمعتقلين ب «حيّوا يا ثوار». أهدى المعصراني أغنية «أنا طالع اتظاهر ودمّاتي بإيدي» إلى كاتب كلماتها الذي استشهد في حيّ دير بعلبة في حمص، ليختتم الحفلة بالهتاف الذي انطلق من درعا وباللهجة الحورانية: «عاشت سورية ويسقط بشار الأسد، سورية لينا وما هي لبيت الأسد». لم تقتصر الحفلة على الغناء، بل تضمّنت أيضاً مزاداً على تحف أثرية ولوحات مُتبرّع بها، و«بازاراً» لبيع مشغولات يدوية بسيطة أكثرها يتمحور حول «علم الاستقلال». «منذ شهر ونحن نعدّ لهذه الاحتفالية» يقول أنس طعمة، أحد منظمي الحفلة ل «الحياة». وعن سبب اختيار المعصراني أشار إلى أن الأخير «أصبح من الأيقونات الفنيّة للثورة السورية، وهو مستقل أيديولوجياً، غير محسوب على أي من الأطراف المعارضة، ما يعني أنه يُمثّل الشارع والثورة فقط، وبذلك فهو يجمع الجمهور على أساس وطني، كما شجّعتنا على استضافته سهولة حركته باعتباره يحمل جنسية أوروبية». قدّر طعمة المبلغ الذي جُمع من الحفلة ب14 ألف دولار «سنرسلها إلى الداخل السوري والنشطاء، بالتعاون مع الجميعات التي نعمل معها وهي «هاند إن هاند»، «سيريا ريليف»، «موازييك» و«هيومان كير فاونديشن»، علها تسد بعضاً من حاجات الأهالي من طعام وتدفئة. وقد طوّرنا آليات تطمئن المتبرعين، وفي الوقت نفسه لا تضع أياً من النشطاء والتنسيقيات الذين نتواصل معهم في خطر». أما وصفي المعصراني الذي أنهى جولته الغنائية في ست ولايات أميركية بغلّة مليون دولار جمعها في أسبوعين، فسيواصل جولته في الولاياتالمتحدة حيث سيغني في تسع ولايات أخرى، ينطلق بعدها إلى السعودية حيث سيشارك في حفلات لجمع تبرعات للشعب السوري في كل من الرياض وخبر وجدّة، وفق ما قال ل «الحياة». وكانت جولة وصفي لجمع تبرعات للداخل السوري بدأت في هولندا، ثم مانشستر في بريطانيا، وموسكو والولاياتالمتحدة وكندا، قبل أن تصل إلى لندن.