حسمت محكمة جنايات القاهرة، حيث يمثل الرئيس السابق حسني مبارك ونجلاه (علاء وجمال) ووزير داخليته حبيب العادلي، الجدل الذي أثير حول إمكان إصدار أحكام قبل الذكرى الأولى للثورة (25 كانون الثاني / يناير المقبل)، كخطوة من السلطة لتهدئة الأجواء، إذ حددت شهراً كاملاً لمرافعة هيئة الدفاع عن المتهمين على أن تبدأ الثلثاء المقبل، ما يعني ألا يصدر الحكم قبل مطلع آذار(مارس) المقبل. واختتمت أمس مرافعة هيئة المدعين بالحق المدني في جلسة فوضى بين المحامين على أسبقية الترافع، في ما رفض بعض المحامين عن الضحايا انتهاء دورهم في القضية من دون أن تكون لهم بصمة، حيث أجهش المحامي مدحت المرسي (والد أحد المصابين) بالبكاء أمام المحكمة، وزعم آخر أن مبارك كان يراقب التظاهرات من طائرة هليكوبتر وأنه (مبارك) يلوح للثوار من داخلها، في حين استهل ثالث مرافعته بتعبير «يُحكى أن»، ما دعا الموجودين إلى الضحك قبل أن تطالبه المحكمة بأن يتحدث في الشق المدني وإثبات الضرر الواقع عليه والدعوى التي جاء من أجلها، لكنه أصر على تكرار الكلام نفسه فخاطبت المحكمة زملاءه بأن يقوموا بتغيير الصفحة التي أمامه كنوع من التهكم على مرافعته، كما حضر مبارك كعادته على سريره الطبي، ونقل التلفزيون الرسمي لحظة وصول الرئيس السابق عبر مروحية قبل أن ينقله الفريق الطبي إلى داخل قاعة المحاكمة عبر سرير طبي، كما حضر نجلاه (علاء وجمال) ووزير الداخلية حبيب العادلي من محبسهم في سجن طرة. وقررت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار أحمد رفعت في ختام جلسة الأمس تأجيل النظر في القضية إلى الثلثاء المقبل لبدء الاستماع إلى مرافعة هيئة الدفاع عن المتهمين، وحددت أيام 17 و18 و19 و21 و22 من الشهر لسماع دفاع الرئيس السابق ونجليه، فيما ستستمع إلى دفاع وزير الداخلية السابق حبيب العادلي في أيام 23 و24 و26 و28 و29 و30 كانون الثاني(يناير) كما حددت لدفاع المتهم السادس قائد قوات الأمن المركزي الأسبق أحمد رمزي موعداً للمرافعة تبدأ الثلثاء 31 كانون الثاني، وتمتد الأربعاء والخميس 1 و2 شباط (فبراير) والأحد 5 شباط، كما حددت موعداً للدفاع عن المتهم السابع عدلي فايد رئيس مصلحة الأمن العام الأسبق يومي الاثنين والثلثاء 6 و7 شباط، وحددت أيضاً موعداً للدفاع عن المتهم الثامن حسن عبد الرحمن رئيس جهاز أمن الدولة السابق الأربعاء والخميس 8 و9 شباط تنتهي السبت 11 شباط، وموعداً لدفاع المتهم التاسع إسماعيل الشاعر مدير امن القاهرة الأسبق أيام 12 و13 14 شباط ، كما حدد موعد للدفاع عن المتهم العاشر أسامة المراسي مدير امن الجيزة الأسبق الأربعاء 15 شباط، وموعد للدفاع عن المتهم الحادي عشر عمر فرماوي مدير امن 6 أكتوبر الأسبق الخميس 16 شباط. كما قررت المحكمة السماح للدفاع عن المتهمين بالاطلاع على كل أوراق القضية للاستعداد لتقديم مرافعاتهم وإعداد مذكراتهم وحوافظهم تمهيداً للمرافعة. وأثارت قرارات المحكمة جدلاً في شأن منحها شهراً للاستماع إلى الدفاع عن المتهمين، في ما اقتصرت مرافعة الادعاء على المتهمين على خمسة أيام (ثلاثة أيام للنيابة ويومين فقط لمحامي الضحايا). وكان رئيس المحكمة المستشار أحمد رفعت استأنف جلستها المنعقدة بالتأكيد على تحمل هيئة المحكمة ما وصفه ب «الهم الكبير» لعبء هذه المحاكمة، مشدداً على أن المجني عليهم والمتهمين سواسية أمام القانون، في ما طالب ممثل هيئة قضايا الدولة في مصر المستشار أشرف مختار بتعويض مدني قدره بليون جنيه مصري ضد المتهمين، مشيراً إلى أن المتهمين تسببوا في حرق منشآت عامة، كما أدى سحب قوات الشرطة من الشوارع إلى حصول انفلات أمني واسع النطاق أدى بدوره إلى حالة من الفوضى كلفت الدولة خسائر كثيرة»، مشيراً إلى أن «قرائن الدعوى توضح أن ما حدث كان بأسلوب ومنهج لوضع الشعب بين خيارين، إما القبول باستمرار نظام مبارك أو المعاناة من حالة الانفلات الأمن والفوضى». واختتمت أمس هيئة المدعين بالحق المدني مرافعتها بالتأكيد على أن من قتلوا في أحداث التظاهرات أثناء الثورة هم مجني عليهم وليسوا بلطجية وكانوا يتظاهرون سلمياً وقتلوا بلا ذنب، وشددت على أنه لا يجوز لقوات الأمن أن تعترض سبيل من يتظاهرون سلمياً أو أن تستخدم معهم العنف بأي شكل من الأشكال، وأوضحت أن قوات الأمن شرعت منذ بداية أعمال التظاهر في استهداف المتظاهرين واستعمال العنف المفرط معهم واستخدام الأسلحة والذخيرة الحية ضدهم على نحو تسبب في سقوط مئات الضحايا من القتلى والآلاف من المصابين. وأكدت أن جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والمتهم بارتكابها مبارك والعادلي ومساعدوه الستة عن طريق الاتفاق والتحريض والمساعدة مكتملة الأركان. وأشارت إلى توافق شهادة قرابة مئتي ضابط شرطة علي أن التعامل الأمني مع المتظاهرين جرى بإطلاق الأعيرة النارية الحية من جانب قوات الشرطة وأن إصدار هذا الأمر في استخدام الذخيرة الحية لا يصدر سوى من وزير الداخلية بناء على تكليف وتعليمات من رئيس الجمهورية، واستندت إلى دفاتر الأحوال بقيادات قوات الأمن وقطاعاتها المختلفة تشير بجلاء ووضوح إلى أن الآلاف من الطلقات والذخيرة سلمت إلى قوات الأمن ولم تعد إلى المخازن طلقة واحدة منها بما يقطع باستخدامها كلها ضد المتظاهرين السلميين. كما استعرضت عدداً من الشهادات التي رواها الأطباء المعالجون للمصابين في أحداث الثورة وأيضاً جثث المتوفين، حيث أكدوا أن الرصاصات والأعيرة النارية التي استخدمت وتم استخراجها من أجساد الضحايا جاءت متماثلة ما يؤكد أنها من الذخائر التي تستخدمها قوات الشرطة. وأكد المحامون أن السواد الأعظم من القتلى والمصابين في احداث الثورة جاءت إصاباتهم في مواضع قاتلة من أجسادهم بما يشير بوضوح إلى أن الهدف كان إزهاق الأرواح وأن الشهود من المصابين أكدوا في أقوالهم أن من استهدفهم بأعمال القتل والإصابة هي قوات الأمن، مشيرين إلى وجود محاولات لإخفاء الأدلة التي تدين المتهمين من جانبهم بما يوجب تشديد العقوبة. واعتبر محامو الضحايا أن ما قرره المشير حسين طنطاوي وعمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق في شهادتيهما يعد اعترافاً ضمنياً من جانب الرئيس السابق بضرورة فض التظاهرات بأي شكل، كما استندوا إلى أقوال المتهم حبيب العادلي التي أشار فيها إلى أنه لم يتمكن من اطلاع مبارك على ما يحدث في الأيام الأولى حرصاً منه على عدم تجاوز الحدود مع رئيس الجمهورية. كما استندوا أيضاً إلى أقوال رئيس جهاز مباحث أمن الدولة المتهم حسن عبد الرحمن من أن المتظاهرين كلهم عبارة عن جماعة غير شرعية، وبالتالي يمكن التعامل معهم في شكل غير شرعي، مطالباً بإنزال أقصى عقوبة على المتهمين وإعمال القصاص العاجل.