طالعت كما طالع غيري الخبر المنشور في صحيفة «الحياة» بعددها رقم 16872 وتاريخ 21 - 6 - 1430ه بشأن الحقيبة التي عثر عليها المواطن عبدالله بن هلال بن عبدالله الحربي، التي كانت تحوي مبالغ كبيرة من المال ومجوهرات ذهبية، كانت عبارة عن مهر زواج لأحد المواطنين الذي شاء القدر أن يتركها بجانب الطريق، وما كان لذلك من أصداء كبيرة وتعليقات عدة في كثير من مواقع «الانترنت» والمجالس العامة بعد نشر الخبر مباشرة، وكانت جميعها تبجل لهذا الشاب هذا العمل النبيل، خصوصاً أنها كانت لشخص مقرر زواجه بعد عشرة أيام من فقدانها. إن المطلع على التفاصيل الدقيقة لهذه الحادثة يجد الكثير من التضحيات التي بذلها هذا الشاب والمخاطر التي تعرض لها، بدءاً من عثوره على الحقيبة التي توقف بجانبها أثناء سفره لوحده وحملها من الأرض وهو لا يعلم مصدرها، أو وضع أصحابها، أو بما تحتويه أيضاً، ثم ذهابه بها إلى أرضٍ صحراوية بعيداً عن الطريق لكشف ما بداخلها وبقاؤه ما يقارب ثماني ساعات حائراً بالطريقة التي سيتصرف بها حيال هذه الحقيبة، بعدما وجد مالاً كبيراً ومجوهرات ثمينة بداخلها، ربما لم يعتد المذكور أن يراها أو يحملها قبل ذلك، إلى أن استقر رأيه أن يبلغ قائد وحدته، وكان هذا خياراً موفقاً، كونه منتسباً لأحد القطاعات العسكرية، وكان حينها متجهاً من الرياض إلى جهة عمله في المنطقة الشمالية، وبعد أن تم الإبلاغ واصل مسيره وبرفقته المال والمجوهرات وقطع بها ما يقارب مسافة 800 كيلومتر إلى أن وصل محافظة رفحاء ثم سلمها لقائده الذي بدوره قام بالاتصال بأصحابها الذين حضروا في اليوم التالي عن طريق عنوان كروت الزواج الموجودة داخل الحقيبة وتم تسليمها لهم. هذا من جانب الشق الأول وهو جهاده ومثابرته حتى أوصل الأمانة إلى أهلها، أما الجانب المضيء الآخر الذي وضعه الرقيب الحربي بروازاً مشرفاً لهذا العمل، هو اعتذاره عن قبول المكافأة التي منحت له كهدية من صاحب المال، وبعد الإصرار عليه أخذها ثم أعادها له «كإعانة زواج» تقديراً لظروف زواج صاحبها، كونه بحاجة للمال لإتمام مراسم زواجه، وهذا العمل تتجلى فيه قيم الشهامة والمروءة والكرم، فكل ما في هذا العمل وهذه القصة جميل ونبيل «أمانة وشهامة». إنه بقدر ما نرى حولنا من بعض القضايا المؤسفة كالسلب والنهب والسطو والابتزاز، فإننا نرى من الجانب الآخر مثل هؤلاء المخلصين الأكارم الملتزمين بالقيم الإسلامية والآداب الاجتماعية، فإذا علمنا أن الحرس الوطني منح هذا الرقيب نوط الأمانة، إضافة إلى مكافأة راتب شهر واحد، فإننا نرى أن المذكور يستحق أكثر وأكثر من ذلك مقارنة بهذا العمل البطولي الذي تخلله الكثير من المواقف الغريبة، فإنه بحق يستحق أن يتم تكريمه من الجميع.