لا تخلو المدينةالمنورة من بركات المسجد وقبر الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة، ولا تجف أرضها من خيرات النخيل والزروع لساكنيها وزائريها، حتى بات ما تنبته تربتها من نعناع هو الأجود نوعاً والأكثر طلباً ورغبة للمستهلكين. وقد يكون من المفاجئ أن نعناع المدينة ذائع الصيت، يضخ على بائعيه وزارعيه عوائد مالية سنوية كبيرة تفوق 18 مليون ريال، بواقع 50 ألف ريال تمثل نسبة مبيعات يومية، وفق تقديرات الباعة والخبراء في بيع النباتات الورقية المشهورة في المدينةالمنورة. ويرى أحمد العوفي وهو من الباعة في سوق النعناع بالمدينة، أن أكثر من يستهلك تلك المنتجات أهل منطقة المدينةالمنورة، يليهم سكان مدن جدة ومكة المكرمة، ثم الرياض والدمام، مشيراً إلى أن بعضاً من زوار دول الخليج أو الدول العربية يترددون بين فترةٍ وأخرى على شراء كميات من نعناع المدينة. واستطرد العوفي قائلاً خلال حديثه إلى «الحياة» إن المدينةالمنورة تشتهر بزراعة أنواع النباتات الورقية كالنعناع المغربي والنعناع الحساوي والدوش، ومصدره من مزارع أبيار علي، وأبيار الماشي والعشيرة. وأوضح أن أكثر الزبائن يحرصون على شراء نعناع أبيار علي، وهي (حسب قوله) الأقل إنتاجاً من المزارع الأخرى، مرجعاً ذلك لكون المزارعين في مزارع أبيار علي «لا يضيفون على منتجاتهم الزراعية أياً من العناصر الكيماوية التي تستخدم في الزراعة». وتشهد أسعار النعناع عموماً تذبذباً مع تغير فصول السنة، ف «المغربي» و«النمام» يرتفع سعرهما في الصيف بسبب ندرتهما، إضافةً إلى تراجع إمكان زراعتهما في فصل الصيف مثل النعناع الحساوي، أما الورد ففي الصيف يصل مستواه إلى درجات قياسية، إذ يصل سعر الطبق الذي يزن 250 غراماً إلى 15 ريالاً، ويعود السبب في ذلك لموافقة موسم الأفراح والخطوبة فصل الصيف، وقلة المعروض منه في الشتاء الذي يستخدم فيه نعناع «الدوش» بكثرة لمنحه الشعور بالدفء. وللنعناع مصطلحات خاصة بتجارته مثل «الربطة»، وهي جزء من أربعة أجزاء تعرف ب «الشكة» التي تتكون من 16 جزءاً يسمى حزمة ويتراوح سعرها ما بين أربعة إلى خمسة ريالات، وتزيد أنواع النعناع والعطريات التي تشتهر بها سوق المدينة عن ستة أنواع أشهرها «الحساوي» نسبةً لمنطقة «الحسا» بأبيار علي، و«المغربي» و«الدوش» و«النمام» و«العطرة» و«الحبق». ويقول علي حمدان: « في فصل الصيف، يكثر الإقبال على شراء النعناع، لمنحه شعوراً بالبرودة، أما الحبق «الحساوي» فمستخدموه يفضلون تناوله في فصل الشتاء بسبب منحه الشعور بالدفء». وأضاف: «تستخدم النباتات الورقية في إضفاء نكهة تعطير للشاي، كما يستعمل النعناع المغربي الطازج منه في طبق السلطة والتبولة، وبعض أطباق الطعام، مشيراً إلى أن زائر المدينةالمنورة لا يغادر إلا بعد أن يحمل معه نعناعها». وبحسب خبراء في التداوي بالأعشاب، يعتبر النعناع من الأدوية الناجحة في معالجة الاضطرابات المرارية، وطرد الغازات المعوية وتسكين المغص المعوي، ومغص أسفل البطن، وآلام الحيض، كما أنه يكسب الجسم نشاطاً وحيوية.