القاهرة - رويترز - مع اقتراب موعد المرحلة الثانية لانتخابات مجلس الشعب المصري وتمكن الإسلاميين من حصد أغلبية مقاعد المرحلة الأولى، لم يجد البعض ما يواجه به تصريحات إسلاميين معادين للفنون والآداب والتماثيل الأثرية إلا السخرية. ويشعر أعضاء الجماعات الإسلامية بالاستعلاء مع اقتراب ما يرونه "هيمنة" على البرلمان المقبل بعد حصول حزب الحرية والعدالة وهو الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين على 37 بالمئة من الأصوات في المرحلة الأولى وحصول السلفيين الأكثر تشددا على 24 بالمئة في نتيجة مفاجئة. وأدى الصعود المفاجئ لحزب النور السلفي إلى قلق علمانيين ومعتدلين يخشون أن يفرض المتشددون آراءهم على المجتمع بمجرد وصولهم للسلطة. ولا يخفي السلفيون نيتهم منذ الآن، إذ اتهم المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية بالإسكندرية، عبد المنعم الشحات قبل أيام، أدب نجيب محفوظ الحاصل على جائزة نوبل في الآداب 1988 بأنه يحض على الرذيلة كما حث على تغطية التماثيل الفرعونية الأثرية بحجة أنها "أصنام". ورد نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي على الشحات قائلين إنه يريد الانتقام من محفوظ بسبب روايته (الشحاذ) التي أنتجتها السينما المصرية باسم (الشحات) وقالوا إن عدم نجاح الشحات في الانتخابات هو انتقام من محفوظ. وقال حازم حسني الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في صفحته على الفيسبوك إن مثل هذا الكلام الذي يطلقه الشحات وغيره من المتشددين مباهاة "بجهلهم أمام العالمين" داعيا إياهم لتعلم قراءة الأدب. وفي إطار السخرية قدم كثيرون اقتراحات لتغيير أسماء أفلام مصرية إذا تولى الإخوان والسلفيون حكم البلاد ومنها (جعلوني مسلما) بدلا من (جعلوني مجرما) و(امرأة ناقصة عقل ودين) بدلا من (امرأة متمردة) و (سلام ياصاحبي ورحمة الله وبركاته) بدلا من (سلام يا صاحبي) و(أرجوك اعطنى هذا السواك) بدلا من (أرجوك اعطني هذا الدواء) و(في بيتنا إخوانجي) أو (في بيتنا سلفي) بدلا من (في بيتنا رجل) و(أنا وبناتي المحجبات) بدلا من (أنا وبناتي) و(أبي فوق المئذنة) بدلا من (أبي فوق الشجرة) و(التجربة التركية) بدلا من (التجربة الدنمركية) و(ليلة القبض على الأخت فاطمة) بدلا من (ليلة القبض على فاطمة) و (همام في قندهار) بدلا من (همام في أمستردام) و(السجادة الخالية) بدلا من (الوسادة الخالية). واقترح بعضهم تغيير اسم فيلم (الباحثات عن الحرية) لإيناس الدغيدي التي لا تخفي عدم ارتياحها لحكم الإسلاميين إلى (الباحثات عن الحرية و العدالة) في إشارة إلى الحزب الذي أسسته جماعة الإخوان. كما اقترح آخرون إنتاج فيلم عنوانه (البعض يذهب للمرشد مرتين) على وزن فيلم (البعض يذهب للمأذون مرتين) و(طباخ المرشد) بعد إنتاج فيلم (طباخ الريس). ومن الرسائل المتبادلة أيضا في حالة تولي المتشددين الحكم أن يصبح أقسى سباب في الشارع "ثكلتك أمك" وتعديل لوحة مفاتيح أجهزة الكمبيوتر لتشمل كلمات "إن شاء الله" بعد كلمة أمر. وأن تظهر رسالة في حالة عدم الرد على المكالمة نصها "الرقم المطلوب مغلق والله وأعلم". ومن النكات التي شاعت أيضا "واحد يسأل صاحبه: معاك 100 جنيه سلف؟ قال له: ولا حتى إخوان". وبعيدا عن السخرية التي يراها البعض سلاحا غير ميداني نظم يوم الجمعة الماضي مرشدون سياحيون مصريون مظاهرة أمام ساحة الأهرام احتجاجا على ما يرونه تهديدا من أصوليين متشددين للسياحة إحدى المصادر الكبرى للدخل والمصدر الرئيسي للعملة الصعبة في مصر والتي تمثل أكثر من عشرة بالمئة من إجمالي الدخل القومي ويعمل بها نحو ثمن القوى العاملة في البلاد. واستنكر كثيرون ما يرونه غفلة من المتشددين بالإشارة إلى أن عمرو بن العاص حين دخل مصر قبل نحو 1400 عام لم يأمر بتدمير التماثيل الفرعونية ولا تغطيتها. وقال الناقد السينمائي المصري أحمد يوسف إن سر عظمة الحضارة المصرية يكمن في المعتقدات التي ترسخت في تكوين الشخصية المصرية التي يراها مثل "التيار الجارف الذي يكتسح في طريقه كل شيء. استطاع المصري عبر العصور أن يحتوي كل الحضارات وأن يصبغها بصبغته. وأن يضفي عليها لونه الخاص لتصبح أي حضارة كأنها ولدت مصرية. وأعتقد أن معتقدا مستوردا كالمعتقد الوهابي أو غيره سوف يذوب في الشخصية المصرية قصر الزمن أو طال." وقال الشاعر المصري حسن طلب إن الشحات الذي اتهم أدب محفوظ بالانحلال "شأنه شأن المتطرف الذي أقدم على اغتيال نجيب محفوظ" في أكتوبر تشرين الأول 1994 واعترف بأنه لم يقرأ له كتابا وبأنه حاول اغتياله تنفيذا "لأوامر أمير الجماعة والتي صدرت بناء على فتاوى الشيخ عمر عبد الرحمن." وأضاف أن "سحابة الظلام" توشك أن تغطي سماء مصر في إشارة إلى فتاوى تحريم الفنون، داعياً من وصفهم بالمبدعين الأحرار إلى خوض "المعركة المنتظرة" دفاعا عن حرية التعبير.