«اختبارات غير مسبوقة» صفة التصقت بالاختبارات في اليمن لهذا العام، وخصوصاً لجهة المخالفات أو ما يسمى ب «الجرائم الامتحانية». وأعلنت السلطات التعليمية عن تنسيق مع القضاء لإنشاء محكمة مستعجلة تنظر في القضايا ذات الصلة بالامتحانات ومنها جرائم الغش والاعتداء. وسجّل الأسبوع الأول للاختبارات 572 مخالفة تضمنت 165 حالة تجمهر، و7 حالات إطلاق نار و31 حالة اعتداء و23 حالة اقتحام للمراكز الامتحانية و105 انتحالات شخصية و4 حالات تمزيق دفتر الإجابة و 5 حالات تدخلات في أعمال الامتحانات. ويرى مختصون أن مشكلة التعليم في اليمن لا تقتصر على الشأن الامتحاني، بل تمتد الى نسيج البنية العامة للمجتمع. ويقول الدكتور احمد الحاج، المدرس في كلية التربية في جامعة صنعاء، أن «استفحال مشكلة الغش نتاج لتواطؤ مؤسسة التعليم والأهالي»، معتبراً ما يجري جزءاً من الفساد السائد، ويلفت إلى أن المطلب الرسمي هو «تخريج حملة شهادات من دون علم ومعرفة». وتحت وطأة تزايد استخدام العنف، خصوصاً في المناطق القبلية، اضطرت السلطات إلى نقل عدد من المراكز من مناطق إلى أخرى، ومن بينها 12 مركزاً تم نقلها من محافظة صنعاء إلى أمانة العاصمة، وفي تعز قبض على العشرات بتهم مختلفة. ويؤكد الحاج دفع البعض رشى تصل إلى مئة ألف ريال، ما يعادل 500 دولار، مقابل تعيينهم مشرفين على مراكز اختبارية في مناطق ريفية يتردد أن طلابها يعقدون اتفاقات مع اللجان الامتحانية على دفع مبالغ معلومة عن كل طالب في مقابل أن تتاح لهم فرصة الغش من دون «تنغيص». وينقل عن مدير مدرسة في العاصمة قوله «وقوع حالات لإدخال إجابات إلى قاعة الامتحان باستخدام القوة». ويأخذ مراقبون على المعلومات التي تعلنها السلطات محدوديتها قياساً لما يجري في الواقع. ولا يقتصر الأمر على التعليم العام بل يتعداه إلى التعليم الجامعي. وسُجّلت حالات لأساتذة في الجامعات يعملون بشهادات مزورة، إلى أن وصلت الأمور إلى اعتبار البعض أن الامتحانات لم تعد أساساً يمكن قياس مستوى تحصيل الطالب، ويرون أن الأسلوب الأمثل هو اتباع نظام اختبار القبول كمعيار رئيسي. وعلى رغم أن النسبة الأعظم من الطالبات يبدين جدية في تحصيل العلم، وصل عدد الطالبات في قائمة أوائل الثانوية العامة للعام الماضي الى 14 طالبة من إجمالي 25 في القسم العلمي وفي القسم الأدبي 13 طالبة من إجمالي 17، إضافى إلى أن نسبة الغش وشراء الشهادات ضئيلة في صفوفهن قياساً بالذكور، بيد أن الظروف الاجتماعية الصعبة التي ترزح تحتها الأنثى في اليمن ما تنفك تُضاعف العقبات أمام تعليمها. ومع تعذر الحصول على وجهة نظر رسمية، يبدي الحاج نظرة تشاؤمية لمستقبل التعليم في اليمن ويقول ان ما يحدث عملية تجهيل بكل معنى الكلمة، مشيراً إلى أن تقارير الجهات التعليمية ذاتها تكشف عن فظاعات مريعة. وكانت السلطات أعلنت عن إقالة عدد من مديري المدارس بينهم 11 في تعز و4 في محافظة صنعاء بتهمة تزوير وثائق امتحانيه خاصة بالمرحلة الثانوية. ويذكر أن معظم من يتولون الإدارة المدرسية هم على صلة بالأجهزة الأمنية، كما أن نسبة الطلاب الذين يلتزمون بالحضور هي الأقل وكذلك بالنسبة الى المدرسين، موضحاً أن الأمر لا يقتصر فقط على ضعف تأهيل المعلم بل هناك معلمون يعملون في غير تخصصاتهم. وسبق للجنة العليا للامتحانات أن أقرت رفض ثلاث مدارس لأداء امتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية في محافظة الجوف لعدم تقديمها واتخاذ إجراءات عقابية، بحق عدد من مديري مكاتب التربية ومديري المدارس في المحافظات الذين لم يستوفوا النواقص في وثائق الطلاب. وكانت الحكومة اليمنية اتهمت جماعة الحوثيين المسلحة في محافظة صعدة بمنع نحو 900 طالب من أداء الامتحان.