دمشق، نيقوسيا، باريس، الرياض - «الحياة»، رويترز، اب - دان مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة في جلسة خاصة عقدها امس في جنيف، الانتهاكات «الجسيمة والمنهجية» لحقوق الانسان التي ترتكبها القوات السورية بحق المتظاهرين والتي تشمل عمليات اعدام. وقال المجلس ان هذه الاعمال ترقى الى كونها «جرائم ضد الانسانية». وتبنى المجلس القرار بموافقة 37 دولة واعتراض اربع دول من بينها الصين وروسيا وامتناع ست دول عن التصويت. ودعا هيئات الاممالمتحدة الى النظر في تقرير المنظمة و»اتخاذ قرار مناسب» كما قرر استحداث منصب مقرر عام لحقوق الانسان في سورية. من جهة اخرى تعقد اللجنة الوزارية العربية اجتماعاً في الدوحة اليوم وصفته مصادر خليجية بأنه سيكون «حاسما لملفات ساخنة» و»سيحدد خطوات مهمة للمرحلة المقبلة» بعدما دخلت أعمال اللجنة مرحلة تطبيق العقوبات بحق سورية عقب انتهاء «آخر مهلة» أعطيت لها. وكان مجلس حقوق الانسان في جنيف قد عقد جلسته امس بدعوة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والسعودية والكويت وقطر والأردن وليبيا وعدد من الدول الأفريقية، وذلك لبحث نتائج تقرير لجنة التحقيق الدولية حول الوضع في سورية منذ شهر آذار (مارس) الماضي. وهذه هي الجلسة الثالثة التي يعقدها المجلس في غضون سبعة اشهر لبحث الاوضاع في سورية. وشددت المفوضة السامية لحقوق الانسان نافي بيلاي (من جنوب افريقيا) في كلمتها الافتتاحية على «وجوب أن تتخذ المجموعة الدولية تدابير فعالة وملحة لحماية الشعب السوري». وطالبت الدول الكبرى باحالة ملف الانتهاكات السورية لحقوق الانسان على مجلس الامن الدولي ليحولها بدوره الى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، بهدف معاقبة المسؤولين السوريين عن هذه الاعمال. واشار رئيس لجنة التحقيق الدولية البرازيلي باولو بينهيرو إلى أن أجهزة الأمن السورية «اتبعت سياسة اطلاق الرصاص من أجل القتل» واستهدفت المدنيين في التظاهرات السلمية. وعمدت في حالات كثيرة إلى العقوبات الجماعية من خلال حرمان السكان من الدواء والماء والأغذية والكهرباء. وأثارت الأدلة على وقوع اعمال تعذيب وعنف الجنسي ضد الأطفال استياء في صفوف المجلس. وقال بينهيرو ان «المستشفيات استخدمت مراكز اعتقال. كما تعرضت سيارات الاسعاف لإطلاق النار وحرم الكثير من الجرحى والمرضى من العلاج في المستشفيات العامة في العديد من المناطق. ولم ينجُ الأطفال من ذلك. وتشير قرائن موثقة الى أن 307 طفلا قتلوا على يد قوات الأمن. وشهد شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي مقتل 56 طفلاً. وخلص بينهيرو إلى أن «القوة المفرطة ضد المدنيين وحجم الاعتداءات وتكرارها وتنسيقها دفعت اللجنة إلى الاستنتاج ان الجرائم يتم ارتكابها تنفيذاً لسياسة حكومية». وردت سورية على التقرير بأن «مجلس حقوق الانسان خرج عن ولايته». وقال مندوبها فيصل حموي ان لجنة التحقيق الدولية «تجاهلت كل ما قدمته الحكومة السورية من وثائق ومعلومات وتجاهلت جهد الحكومة من أجل تحسين مستوى عيش السكان». كما حذر من ان «كوارث حقيقية ستطال الجميع والعنف المسلح سيدمر الوحدة الوطنية والعيش المشترك». وكانت سورية ردت على بعض أسئلة المحققين الدوليين لكنها منعتهم من دخول سورية. وأعربت السعودية في الكلمة التي القاها مندوبها الدائم لدى الأممالمتحدة الدكتور عبدالوهاب عطار عن قلقها إزاء استمرار العنف في سورية، وارتفاع عدد الشهداء جراء الأحداث الدامية هناك، ولفت إلى دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للقيادة السورية بالوقف الفوري للعنف والقيام بإصلاحات فورية، وحثه على وضع حد لكل انتهاكات حقوق الإنسان، وتحقيق تطلعات الشعب السوري في الإصلاح والتقدم. وقال عطار أن أفضل النتائج التي يمكن أن تخرج بها الجلسة الطارئة لمجلس حقوق الإنسان هو دعم مبادرات الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي لوضع حد لإراقة الدماء. وينتظر ان تدخل العقوبات السورية على سورية مرحلة التطبيق اليوم بعد الاجتماع الذي تعقده اللجنة الوزارية العربية في الدوحة برئاسة رئيس الوزراء ووزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني. واشارت مصادر دبلوماسية خليجية الى اهمية الاجتماع الذي سييقر أسماء الشخصيات السورية التي شملتها قائمة المنع من السفر الى الدول العربية في الاجتماع الذي عقدته اللجنة الفنية في القاهرة قبل أيام، ومن المقرر ان تعطي اللجنة الوزارية الضوء الأخضر لتنفيذ توصيات هذه اللجنة لتنطلق مرحلة «العقوبات» بشكل «جماعي» بعدما أعطيت الأولوية في الأيام الماضية للأدوار الديبلوماسية. وفيما بدأ مساء أمس وصول المشاركين في اجتماع اللجنة الوزارية، توقعت المصادر ان تبت في موعد وقف رحلات الطيران من سورية واليها، وفي اشارة الى انتظار عدد من خطوط الطيران الخليجية والعربية صدور قرار اللجنة الوزارية في هذا نفت الخطوط الجوية القطرية صحة التقارير الاعلامية التي تحدثت عن وقف رحلات «القطرية» الى سورية، وأكدت «مواصلة تسيير رحلاتها المنتظمة من وإلى سورية وأن ما ذُكر عن تعليق رحلاتها ليس له أساس من الصحة». لكنها قالت أكدت أنها خفضت عدد رحلاتها إلى دمشق من عشر إلى سبع رحلات أسبوعياً نظراً لانخفاض حركة المسافرين. ميدانيا،ً وسعت المعارضة السورية المسلحة هجماتها أمس ضد مواقع تابعة للجيش والاستخبارات. وفي الجمعة التي اطلقت عليها هيئة التنسيق السورية «جمعة المنطقة العازلة» شن منشقون عن الجيش هجوما استهدف مبنى للاستخبارات الجوية في محافظة إدلب بين بلدة جسر الشغور واللاذقية ما أدى الى مقتل ما لا يقل عن ثمانية عسكريين من الاستخبارات. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان وناشطون إن نحو 11 مدنيا قتلوا امس في التظاهرات التي شملت عدة مدن سورية وسقط عشرات آخرون جرحى، بينما قال العقيد رياض الاسعد قائد «الجيش السوري الحر» إن المنشقين عن الجيش باتوا يركزون في هجماتهم على القوافل العسكرية بهدف قطع خطوط الامداد عن وحدات الجيش. وفي نيويورك، وجه السفير الروسي لدى الأممالمتحدة فيتالي تشوركين انتقادات الى فرض عقوبات على سورية من جامعة الدول العربية، معتبرا انها «تضر بالفرصة التي يمكن الجامعة أن تنتهزها لأداة دور بناء في حل الأزمة السورية». وقال تشوركين الذي تولى رئاسة مجلس الأمن للشهر الحالي إن «خطة جامعة الدول العربية لنشر مراقبين في سورية مهمة وأن التعديلات عليها المقترحة من الحكومة السورية كان يمكن أخذها في الاعتبار والتفاوض عليها». واعتبر أن طريقة تعامل مجلس الأمن مع الأزمة في اليمن «كانت بناءة لأنها شددت على الدعوة الى الحوار» متسائلاً «لماذا لا يكون الموقف من الأزمة السورية مماثلاً». لدى سؤاله عن مواقفة روسيا على مبادرة تتضمن تنحي الرئيس بشار الأسد، قال «لم أقصد ذلك إطلاقاً إنما أن يتم العمل الأسرة الدولية بشكل جماعي حيال الملف السوري على غرار العمل على المف اليمني». ونفى اتهام روسيا بأنها تعرقل مساعي الجامعة العربية، وقال: «نحن نقف وراءها لحضها على أن تتحول الى أداء دور بناء بشكل أكبر». ووصف الدور الروسي بأنه يعزز الدعوة الى الحوار بينما عواصم أخرى «تحرض على رفض الحوار». وأعرب تشوركين أنه «من المثير للقلق بشكل بالغ تزايد سيناريو المواجهة الذي لا يقتصر على سورية فقط بل يشمل إيران أيضاً». وقال إن هناك «حماسة» للتدخل في سورية، معتبراً أن «الأيام الحالية ليست أفضل أيام الديبلوماسية». وحذر «من عواقب خطيرة تترتب على ذلك». وأكد أن من حق روسيا أن تصدر الأسلحة باعتبارها «في سوق السلاح ولكننا لسنا بمفردنا». وقال إن «التهم التي تقول إن سورية تستخدم الأسلحة ضد المدنيين ثبت أنها خاطئة». وأضاف أن مجلس الأمن لم يفعل ما فيه الكفاية لمواجهة الأزمة في سورية وكان على المجلس ان يتبنى القرار الذي اقترحته روسيا.