وصل الرئيس الأميركي باراك اوباما الى استراليا في زيارة أُرجئت طويلا. وذُكر أن أوباما سيعلن توسيع الوجود العسكري الاميركي في استراليا. ويُنظر إلى الخطوة على نطاق واسع على انها تجديد للتحالف الاميركي - الاسترالي الرامي الى إبقاء الرقابة مفروضة على الصين. وتُفسّر أيضاً على انها خيار قامت استراليا به بين الصين والولاياتالمتحدة، القوتين الأكبر في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. ورفضت رئيسة الوزراء جوليا غيلارد هذا التفسير قائلة: «من الطيب والممكن لنا في هذه المنطقة النامية من العالم أن نجد في الولاياتالمتحدة حليفاً وأن نحظى بصداقات عميقة في منطقتنا بما فيها الصين». على رغم ذلك، تعلم وسائل الإعلام الصينية والاسترالية الكبرى ان هذا الكلام مجرد اسلوب ديبلوماسي في التعبير. ويخشى بعض الأستراليين أن تُلحق هذه الخطوة غير الودية الضرر بعلاقات بلادهم مع الصين، شريكهم التجاري الأكبر. وتأمل استراليا على ما يبدو ببلوغ وضع تتمكن فيه من تحقيق اكبر المكاسب السياسية والامنية من تحالفها مع الولاياتالمتحدة وأن تكسب أكبر المصالح الاقتصادية من الصين. بيد أن غيلار ربما تجاهلت شيئاً ما وهو ان التعاون الاقتصادي مع الصين لا يمثل أي تهديد للولايات المتحدة، في حين أن التحالف العسكري الاسترالي – الأميركي يهدف الى مواجهة الصين. ولا يمكن الصين، قطعاً، أن تؤدي دور الغبي. ومن المستحيل أن تظل الصين معزولة بغض النظر عما تفعل استراليا لزعزعة امنها. وثمة قلق حقيقي في المجتمع الصيني يتعلق بقبول استراليا للوجود العسكري الاميركي. ومناخ نفسي كهذا سيؤثر على المدى الطويل في تطور العلاقات الصينية – الاسترالية. وجادل بعض الاستراليين في ان الصين تحتاج الى الموارد الاسترالية لاقتصادها وأن في وسع البلدين ان يعتمد أحدهما على الآخر. وصحيح أن ليس للصين الكثير من الأوراق للعبها رداً على استراليا. فالوجود العسكري الأميركي في استراليا لن يغير الأمور على المدى القصير. ويبقى ان نرى كيف ستتصرف استراليا في المستقبل وكيف سترد الصين. بيد ان شيئاً واحداً مؤكداً، إذا استخدمت استراليا قواعدها العسكرية لمساعدة الولاياتالمتحدة بإلحاق الأذى بالمصالح الصينية، فستجد استراليا نفسها وسط النيران. ويتعين على استراليا على الاقل الخروج عن السيطرة. وتثمّن الصين صداقتها مع استراليا، ويدرك الناس هنا الصعوبة التي تواجهها استراليا في ايجاد التوازن بين القوتين. لكن، ثمة خط يتعين على أي من الطرفين ألا يتجاوزه. وعلى استراليا ان تُقدر صداقتها مع الصين وأن تظهر التقدير هذا، لا ان تكتفي بنشر الكلمات المهدئة. وأستراليا حاذقة في الإبحار بين القوى الكبرى. ونعتقد ان استراليا تمتلك من الحكمة ما يكفي للتعامل مع اللعبة الصينية – الاميركية وأن تضمن ازدهارها وأمنها. وعلى استراليا بذل جهد لنزع فتيل السلبيات الموجودة بين الصين والولاياتالمتحدة وليس ان تزيدها. وسيجلب ذلك المزيد من المصالح لأستراليا وللسلام العالمي سواء بسواء. وبهذا المعنى، في وسع استراليا ان تكون قوة ضخمة لمصلحة الخير. * افتتاحية، عن «غلوبال تايمز» الصينية، 16/11/2011، إعداد حسام عيتاني