طرابلس - رويترز - تحاول مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون أن تحدد دوراً واضحاً للاتحاد مع «جيرانه الجنوبيين» بالتركيز على المجتمع المدني وما تصفه بالديموقراطية «العميقة» وذلك بعد نحو عام من بدء «الربيع العربي». وتشمل استراتيجيتها عرض «جزرة» المساعدات لإقناع الديموقراطيات الحديثة بتطوير أنظمة نزيهة ودعم حقوق المرأة بينما تأخذ في الحسبان ألا يُعتبر التوجيه إلى الحكم الرشيد إساءة للشعور القومي. وقالت أشتون خلال زيارة لليبيا التي أعلنت أنها ستجري الانتخابات في العام المقبل: «إن للانتخابات أهمية رمزية، لكن هذا ليس كافياً». وأضافت: «المهم ما يحدث قبل وبعد. ينبغي أن تعرف هل ستكون الانتخابات خادعة». وقالت إنها عندما سألت الناس في المنطقة ماذا يريدون «ما قالوه لي إنهم يريدون رئيساً متقاعداً»، أي أن لا يبقى في الحكم إلى أن يموت. وتتولى أشتون منصب الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي وهو المنصب الذي استُحدث قبل عامين ويمثّل فرعيها الرئيسيين التنفيذي والمجلس المؤلف من 27 دولة. وقالت أشتون: «أرى أن دوري يتمثل في التأكد من أننا نملك القدرة على توحيد المصالح في شأن القرن الأفريقي والشرق الأوسط وليبيا». وسعى الاتحاد الأوروبي لإيجاد موقف مشترك منذ الأيام الأولى للربيع العربي. وأعربت الدول الشمالية عن قلقها في شأن حقوق الإنسان بينما اهتمت نظيراتها المطلة على البحر المتوسط بالروابط الاقتصادية واحتمال حدوث موجات هجرة جماعية. وفي ليبيا نفذت فرنسا وبريطانيا ومن بعدهما حلف شمال الأطلسي حملة قصف لحماية المدنيين من قوات معمر القذافي في عملية ساعدت المعارضين الليبيين على إطاحة الديكتاتور الراحل ولكن ألمانيا عارضت الحملة. وفي أيار (مايو) توجّهت اشتون لبنغازي وكانت أكبر مسؤول أجنبي يزور معقل المعارضة لإظهار دعم الاتحاد الأوروبي. وفي أيار (مايو) أيضاً أعلنت اشتون أن مساعدات الاتحاد سترتبط في المستقبل بالتقدم في مجال المجتمع المدني مثل حرية الصحافة والانتخابات النزيهة. ويقول الاتحاد الأوروبي أنه أصبح أكبر مانح للمساعدات الإنسانية لليبيا. وقال ديبلوماسي في الاتحاد الأوروبي إن «دور الاتحاد الأوروبي مختلف تماماً عن العمليات العسكرية. قيمتنا المضافة تتركز على المساعدات الإنسانية والتعاون والديبلوماسية. لقد غيّرنا استراتيجيتنا في المنطقة ونحن أول ما يقوم بذلك». ويقول محللون إنه يوجد الآن تركيز أكثر وضوحاً على السياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي الذي استفاد من نقص في «الأمتعة الاستعمارية» بخلاف العديد من الدول الأوروبية إذا ما تم النظر إليها في شكل منفرد. والرهان كبير بالنسبة إلى أوروبا حيث سيجعل الاستقرار في جنوب المتوسط القارة أكثر أمناً واستعداداً لشراكات تجارية جديدة. وقال دانيال كورسكي المتخصص في العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي إن الاتحاد الأوروبي لم ينجح في ليبيا، موضحاً أنه منذ الأيام الأولى للانتفاضة كان تأثيره ضعيفاً على مسار الأحداث. وقال كورسكي: «إذا تمكنت اشتون في تحويل فشل الاتحاد الأوروبي إلى نجاح فإنها ستحظى بالثناء». وتقول أشتون إنه ينبغي على الاتحاد الأوروبي أن يروّج «لديموقراطية عميقة» وهي عبارة تكررت هذا العام في البيانات الصحافية الصادرة عن السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي. والاتحاد الأوروبي في وضع يمكّنه من تقديم المساعدة بسبب تحوّل أفراد الشرطة السرية التي كانت قائمة خلال الحقبة الاشتراكية في شرق أوروبا إلى مدافعين محترمين عن النظام. وساعد الاتحاد أيضاً في تدريب قوات شرطة في أماكن مثل البوسنة والهرسك. وقالت أشتون إنها تريد «غرس الجذور» من أجل مجتمع ديموقراطي يؤدي إلى قيام ديموقراطية «عميقة». وتابعت: «الأمر يتعلق بكيفية بناء شرطة مدنية مدربة بشكل مناسب. ولدينا العديد من الخبرات المختلفة في أوروبا... وما تتفوق فيه أوروبا حقيقة هو المجتمع المدني». وحملت أشتون أفكارها في رحلة يوم السبت إلى طرابلس المزينة حديثاً بالأعلام ذات الألوان الأحمر والأخضر والأسود. وقوبلت أشتون بترحاب في ميدان الشهداء الذي حمل هذا الاسم أخيراً حيث شكرها مستقبلوها على المساعدات التي قدمها الاتحاد الأوروبي. والتقطت المسؤولة الأوروبية من هناك سواراً وقلادة وقميصاً عليها عبارة «ليبيا حرة». كما التقت في طرابلس رئيس الوزراء الموقت عبدالرحيم الكيب ورئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبدالجليل وافتتحت مكاتب أول وفد دائم للاتحاد الأوروبي في ليبيا. وفي مؤتمر صحافي مع مصطفى عبدالجليل قالت اشتون: «هذه بلادكم ونحن هنا لدعمكم». ووجه أحد الحضور سؤالاً لرئيس المجلس الوطني الانتقالي في شأن ضعف تمثيل المرأة في المجلس، فسارعت أشتون للإجابة قائلة: «إن المرأة كانت جزءاً من سر تحرير هذا البلد وهي جزء من مستقبلها».