بدعم من «الجامعة اللبنانية الدولية» Lebanese International University، صدر العدد صفر من مجلة «علوم الفلك» عن «اللجنة الوطنية لعلم الفلك» في لبنان، ما يعني مباشرتها الصدور. وعُلِمَ أنها ستكون فصلية في المرحلة الأولى من ظهورها. وتملك اللجنة موقعاً على الإنترنت هو «أسترونيمي 2009 ليبانون.أورغ» astronomy2009lebanon.org. وتصدر غلاف العدد الشعار الذي اعتمدته الأممالمتحدة لتكريس العام الحالي سنة دولية للفلك. والمعلوم أن هذه المبادرة العالمية تهدف الى تحفيز الوعي العام عن أهمية علوم الفلك بالنسبة للجنس البشري. وكذلك سعت لتكريم مرور أربعمئة سنة على استعمال العالِم الشهير غاليليو غاليلي للتلسلكوب في رصد النظام الشمسي واكتشاف العلاقة بين الكواكب السيّارة فيه والشمس التي تُشكّل مركزه، للمرة الأولى تاريخياً. ولم يكن إصدار هذه المجلة بعيداً من قرب حلول ذكرى مشي الإنسان للمرة الأولى على سطح القمر في تموز (يوليو) 1969. والواضح أن جهوداً شخصية من قبل الإستاذين المكوّنين لهيئة التحرير (د. أحمد شعلان ود. روجيه حجّار، وكلاهما من «اللجنة الوطنية لعلم الفلك») أدّت دوراً حاسماً في ظهور المجلة، وتلك سمة مألوفة في الأعمال التأسيسية. وقد تجاوبت «اللجنة الوطنية» عينها مع دعوة الأممالمتحدة لإحياء 100 ساعة فلكية بين 2 و5 نيسان (إبريل) الفائت. ونظّمت سلسلة من الإنشطة الفلكية في مدن لبنانية مثل صور وصيدا والنبطية وبيروت، برعاية من «المجلس الوطني للبحوث العلمية» الذي يترأسه د. معين حمزة. وإضافة الى الافتتاحية، قدّم العدد مبادرة تعرض نوعين من التلسكوبات الفلكية (احدهما يشبه الذي استخدمه غاليليو) تعتزم المجلة شراء عدد منها لمن يرغب من القراء، بأسعار تشجيعية. وتضمن العدد كذلك مقالات تناولت علاقة المُذنّبات بفناء بعض الحضارات القديمة (الأكادية في بلاد الرافدين مثلاً) والمُذنّب الذي ضرب الأرض قبل مئة سنة مبيداً غابة «تانغوسكا» الكبرى في سيبيريا، إضافة إلى عرض لسيرة عالِم الفلك الأميركي إدوين هابل، الذي أسّس لنظرية التوسّع الكوني. وحمل العدد أيضاً للزميل شعلان موضوعاً عن «مُذنّب لولِن» الذي يثير لونه الأخضر صورة السمّ القاتل. ومما جاء فيه: «أشارت الأرصاد الفلكية الحديثة الى ظهور مُذنّب جديد يتمتع بلون أخضر أخّاذ، جمال أخضر. والتقطه فعلياً بعض تلسكوبات الفلكيين والهواة، إذ أنه بات على مسافة تقلّ عن وحدة فلكية ونصف الوحدة من الشمس. والمعلوم أن الوحدة الفلكية تساوي المسافة التي تفصل الأرض عن الشمس، والتي تقدّر بقرابة 150 مليون كيلومتر. وقد بخّرت الشمس الأغلفة الخارجية للمُذنّب الأخضر، بحيث تحوّلت الى هالات خضر تتمدّد إلى مسافات كبيرة حوله. وصار قطر المُذنّب وهالاته توازي كوكب المشتري في منظومتنا الشمسية». وقد اكتشف المُذنّب أحد هواة الفلك من الصين، اسمه يانغ كوانزي يي، ولا يزيد عمره على 19 سنة. ويدرس هاوي الفلك الصيني هذا في جامعة «صون يات صن». وحقّق إنجازه من خلال مراجعته الدقيقة لصور للسماء إلتقطها الفلكي تشي شِنغ لِنْ الذي يعمل في مرصد «لولِن» في تايوان. ونُشرت الصور على الموقع الإلكتروني للمرصد، كجزء من نشاطه العلمي المعتاد. وسُمّي المُذنّب «مُذنّب لولِن» نسبة للمرصد الذي تابع مراقبته بعد أن أشار إليه التلميذ الصيني الشاب يانغ. وهو يتّجه حالياً نحو دواخل النظام الشمسي مقترباً من الأرض. ومن المتوقع أن يصل إلى أقرب مسافة له من الأرض اليوم. وتبلغ هذه المسافة الدنيا 0.41 وحدة فلكية ما يقارب 60 مليون كيلومتر. ويعادل هذا الرقم 41 في المئة من المسافة التي تفصل الأرض عن الشمس، ويوازي 200 ضعف المسافة بين القمر والكوكب الأزرق. وانطلاقاً من المعطيات المتوافرة راهناً، تشير التقديرات إلى أن البريق الظاهري للمُذنّب في اقترابه الأشد، سيكون بحدود 5 أو 4 درجات، ما يعني أنه لن يكون سهل المنال للرؤية بالعين المجردة إلا في الأمكنة التي يقلّ فيها التلوث الضوئي. ويجدر التذكير بأن درجة البريق الظاهري لأي جرم سماوي تتغيّر عكسياً مع اللمعان الفعلي لهذا الجرم. وتتراوح درجات البريق بين -26 للشمس و+6 للجرم الخافت الذي لا يرى بالعين المجرّدة. فعلى سبيل المثال يعطى القمر بدراً درجة بريق -13، كوكب الزهرة – 4.5 ، والنجم سيريوس (الذي يعتبر الأشد لمعاناً في السماء ليلاً) -1.5، والنجم القطبي صفر. من المستطاع مشاهدة المُذنّب «لولِن» في المنطقة العربية من خلال الاستعانة بتسلكوب متواضع. ويجب النهوض قرابة الثالثة فجراً اذ يصبح المذنب في حقل الرؤية قبل شروق الشمس. وقد انتقل المذنّب من برج الميزان حيث أقام في الأسبوع الأول من شهر شباط (فبراير)، إلى برج العذراء حيث مكث خلال الأسبوع الثاني من الشهر نفسه، قبل أن يمر بجوار النجم الألمع في العذراء (واسمه «سبيكا») في 16 من الشهر الجاري. وخلال دنوّه من الأرض اليوم، يدخل «لولِن» برج الأسد. ويسهل التعرف إليه نظراً لاقترانه بكوكب زحل خلال غياب القمر. ومن المظاهر المثيرة للإهتمام أن مذنّب «لولِن» يمتلك ذيلين، أحدهما أزرق والآخر قريب من الأبيض».