القدس - رويترز - نجحت مجموعة من الموسيقيين الأوروبيين المتخصصين في الموسيقى الكلاسيك برفقة موسيقيين فلسطينيين وإسرائيليين في مواجهة التحديات في شتى أنحاء مدينة القدس من خلال مهرجان يهدف إلى توحيد سكان المدينة. وفي مهرجان "أصداء القدس" لموسيقى الغرفة بدورته السنوية الرابعة انطلقت معزوفات الموسيقيين الألمانيين برامز وباخ في شتى أنحاء البلدة القديمة كما عزفت مقطوعات الموسيقار النمساوي موتسارت والموسيقار الألماني مندلسون باحدى الكنائس في قرية لعرب إسرائيل وفي حصن أثري بالضفة الغربية كان بالامكان الاستماع لموسيقى الألماني بيتهوفن تعزف على آلة الفلوت. ويختتم المهرجان بحفلاته الموسيقية اليومية اليوم الأحد بعرض مبهر ينظم عند غروب الشمس. وقال المحرك الرئيسي وراء المهرجان وهو النمساوي اريك اوسكار أويتر (35 عاما) عازف التشيللو (احدى الآلات الوترية) أثناء الاستعداد لتقديم معزوفة سداسية يشارك بها أيضا العود العربي وآلة الأكورديون في ساحة قرب المسجد الأقصى يوم الأربعاء "نحاول تحطيم الجدران. "نأمل أن يشعر الناس بارتباك وأن يقولوا لأنفسهم هل هذه حقا موسيقى عدوي؟" وكان أويتر أسس المهرجان عام 2006 والذي تنظم خلاله مجموعة من الحفلات الموسيقية بالمجان ويتوقع أن يتطور المهرجان العام المقبل بمساعدة الدعم المالي المستمر من النمسا وألمانيا ومؤسسات ثقافية حكومية أوروبية أخرى. ومن بين العازفين الأوروبيين البارزين الذين جرى اقناعهم بتقديم عروض في المهرجان رباعي كاسالس الأسباني للعزف ورباعي أرتيس للعزف من فيينا إضافة إلى مجموعة بارزة من العازفين الذين يقدمون عروض عزف فردية مثل الفرنسي ميشيل ليتيك الذي يعزف على الكلارينت (احدى آلات النفخ) وعازف البيانو النمساوي بول جولدا. وكان العرض الذي نظم يوم الأربعاء مناسبا لجميع سكان البلدة القديمة بمختلف دياناتهم وأسعد العرض نحو مئة متفرج سواء من الجانب العربي أو من الجانب اليهودي من مدينة القدس الذين حضروا بالرغم من التوتر الذي يسود البلدة القديمة حيث الأسلاك الشائكة التي تقف فاصلا بين مساكن عرب إسرائيل ومساكن اليهود ودوريات الشرطة المسلحة التي تجوب شوارع البلدة الضيقة وغير الممهدة. وتقول الإسرائيلية تسيبي فايتسمان معلمة الفنون عن المهرجان الذي أصبح نقطة أساسية سنوية في جدول أعمالها الثقافي ويغريها للعودة إلى أجزاء من مسقط رأسها تفادت طويلا العودة إليها من جراء العنف أو التوتر "إنه مؤثر للغاية... لقد أعادني المهرجان ثانية إلى البلدة القديمة." وبعد 19 حفلا موسيقيا جذب كثير منها عددا كبيرا من المشاهدين سيعيد الحفل الختامي غدا الأحد عرضا رائعا نظم في المهرجان العام الماضي حيث يمتزج نحو 40 شابا من العازفين على الآلات النحاسية من أوروبا والشرق الأوسط مع المتفرجين المنتشرين على الأسطح بالقدس القديمة لتقديم عمل جرى تأليفه خصيصا لهذه المناسبة. ويقول أويتر "عملنا يهييء الأجواء لشيء لا ينتمي لجانب أو لآخر." إلا أن فكر المهرجان لا يمر دائما بسلاسة بسبب الواقع المرير على الأرض فقد تعطل برنامج المهرجان مرتين خلال الشهر الحالي مرة على الجانب اليهودي من القدس ومرة في الضفة الغربية لأن المضيفين لم يتقبلوا ظاهرة يجدون صعوبة في تصنيفها سياسيا. ويعتقد أويتر أن الدخول في نقاشات ساخنة يمثل جزءا من مغزى المهرجان ويقول "نبحث عن رد فعل." وبالرغم من أن المشاهدين عادة ما يكون أغلبهم من اليهود أو من العرب على حسب المكان الذي تقام فيه الحفلات في المدينة المقسمة إلا أن أويتر يعتقد أن المشاهدين يدركون أنهم جزء من مهرجان يمتد في شتى أنحاء المدينة. وشهد مهرجان العام الحالي المزيد من الارتجال من الموسيقيين الأوروبيين والعرب مما أحدث أمسيات رائعة في الوقت الذي يستمع فيه العازفون ويتعلمون ويكيفون آلاتهم وأفكارهم وفقا لتركيبات موسيقية غير معتادة. وقال عازف الجاز الفلسطيني الشاب أحمد عيد الذي شارك في حفل يوم الأربعاء "هذا شيء جديد تماما." أما عازف العود الإسرائيلي تيسير إلياس فقال قبل العرض "من الرائع أن يحضر العديد من مختلف العازفين ومن مختلف الحضارات ويعزفون معا... هذا أمر رمزي للغاية لهذه البلاد." وبعد عرض يوم الأربعاء بينما تجمع المشاهدون لاحتساء الشاي وتناول البطيخ قالت الفلسطينية المتقاعدة بياتريس حبش "هذا أمر رائع. إنه يذكرنا بأن الموسيقى ليس لها أعداء. "نحن أعداء اليهود.. واليهود أعداء الفلسطينيون ولكن الموسيقى ليس لها أعداء."