بدأت ثقافة الأروقة الفنية على شبكة الإنترنت تتسلل بخفر، إنما بثقة، إلى عالم الفنانين المغاربة والمهتمين وتجار الفن، في حين تشهد سوق الأعمال الفنية في المغرب نمواً مطّرداً، مصحوباً بفوضى المضاربات في الأسعار وصعاب في الوصول إلى الزبائن من خلال عرض الأعمال الفنية للبيع في الأروقة الفنية وفضاءات العروض العامة والخاصة. وتعززت هذه الثقافة أخيراً بموقع إلكتروني جديد برز على الشبكة العنكبوتية قبل أسابيع، ويقدم خدمة بيع الأعمال الفنية المغربية وغيرها لزواره من داخل المغرب وخارجه، إذ يعرض في أروقته الافتراضية أكثر من 200 عمل فني، بين لوحات ومنحوتات لفنانين معاصرين إضافة إلى رواق الأعمال «الكلاسيكية» للمهتمين بجمع التحف الفنية. ويعتزم هذا الرواق الافتراضي تنويع العرض مستقبلاً ليشمل المقتنيات العتيقة والثمينة، مثل المجوهرات وإكسسوارات الزينة المنزلية لتوسيع قاعدة الزبائن. تكفي نقرة على العمل الفني المنتقى، والمرفق بمعلومات أساسية عنه تضم عنوانه وصاحبه وسعره وبطاقة تقنية تعرّف به، ليحصل الزائر الراغب في الشراء على وعد بالبيع من موقع (فنانوكم) http://www.vosartistes.com. ثم يتصل به المشرفون على الموقع، عبر استمارة المعلومات التي يُطلب منه ملؤها، وتنتهي مهمة «الرواق الإلكتروني» بترتيب اتصال مباشر بين المشتري الافتراضي والبائع لحسم السعر النهائي بين الطرفين. يبدو الموقع ذا فكرة بسيطة، تنحصر في دور الوساطة بين المشتري والبائع. غير أن المشرفَين عليه، سعيد العراقي وعلي لهريشي، ينفيان هذه الصفة الحصرية عن الخدمة المقدمة، بل يعتبران موقعهما «سداً منيعاً» في وجه الوسطاء الذين غزوا سوق الأعمال والتحف الفنية الناشئ في المغرب، حتى جعلوه في غير متناول غالبية الراغبين في اقتناء أعمال فنية. تقريب مالك العمل الفني، سواء كان فناناً أو عارضاً أو جامعاً للتحف، من المشتري المرشح، هو الهدف من إنشاء موقع فوزارتيست.كوم. ويجد متصفحو الرواق الافتراضي، ومتوسط أعمارهم أربعون سنة بحسب المشرفين، معرضاً افتراضياً هائلاً ومتنوعاً من الأعمال الفنية الموقعة بأسماء مبدعين معروفين في مجال التشكيل المغربي، إضافة إلى أعمال المواهب الصاعدة بأسعار «معقولة ومتاحة»، بناء على معايير شهرة الفنان وطبيعة العمل الفني وقيمته، وذلك بطريقة سريعة وسهلة لجمهور متعدد الأذواق والإمكانات المالية «من دون أي وسيط على الإطلاق». كما يسعى الرواق الفني الافتراضي إلى الاضطلاع بمهمة شبه ثقافية، إذ يقدم لمحات سريعة عن الاتجاهات الجديدة في عالم الفن وأخباره. وصاحبا الموقع الآتيان من عالم التسويق العقاري إلى عالم «ترويج الأعمال الفنية»، بحسب تعريفهما، يقدمان خدماتهما بأقل من نصف السعر المعتمد في الأروقة التقليدية. والبائع، أي صاحب العمل المعروض، يتكفّل بأتعاب خدمة البيع الإلكترونية، أما المشتري فلا يتحمل أي مصاريف إضافية على السعر المعلن. بل إنه، بفضل تعامله المباشر مع البائع الأصلي للعمل، يمكنه أن يحصل على سعر أقل من المعروض على صفحات الرواق، إذا وافق صاحب العمل على ذلك من خلال التفاوض. «فنون المغرب» ... تجارة غير مباشرة وفي موقع «فنون المغرب» http://www.art-maroc.co.ma الذي يقدم نفسه كأقدم وأغنى رواق إلكتروني للفن المحلي المعاصر في المغرب، وعمره خمس سنوات، يجد المتصفح أكثر من ألفي عمل فني، تجمع بين مشاهير الرسم والتشكيل والتصوير الفوتوغرافي والفنانين الشباب الصاعدين. ويتميز الرواق بتنظيمه المحكم، وبتعدد أركانه وفرد حيز كبير للمادة الفنية المكتوبة والتعريف بالأعمال والتوجهات والمدارس الفنية المختلفة وأخبار المعارض. وحرص هذا الرواق الفني الافتراضي على ألا يقدم نفسه في شكل مباشر، على أنه موقع تجاري لبيع الأعمال الفنية، إذ أن ذلك آخر ما يشير إليه في التقديم، مؤكداً توجهه الثقافي. لم يتأخر كثيراً التحاق المغاربة بموجة الأروقة الفنية الإلكترونية التي ظهرت في العالم قبل حوالى 15 سنة، إذ غزت هذه المواقع الإنترنت مستقطبة المستخدمين المتكاثرين الشبكة الدولية، ومعلنة عن نفسها كمساحة ناشطة للتجريب الفني ووسيلة سريعة وفعالة للتوزيع على أوسع نطاق. ومن المرجح أن يساهم تدني كلفة إنشاء الأروقة الإلكترونية وسهولته في تزايد أعدادها وإيجاد منافسة فعلية في ما بينها كمواقع، وبينها مجتمعة وبين الأروقة التقليدية. والمؤكد أن ذلك سيصب في مصلحة الفنانين المغاربة الذين سيجدون أخيراً موقعاً متقدماً وسهلاً لعرض إبداعاتهم وتسويقها داخل المغرب وخارجه.